آخر لخبطة

آخر لخبطة

آخر لخبطة

 العرب اليوم -

آخر لخبطة

بقلم - د. محمود خليل

عن طريق إعلان طريف -فى حينه- عنوانه (ألوان اللخبطة)، دخل رجل الأعمال الحاج «محمود العربى» رحمه الله عالم الشهرة. الإعلان كسّر الدنيا منذ بثه، وأصبحت أغنيته الشهيرة «ألوان اللخبطة بتلخبط لخبطة» تتردد على لسان الأطفال وأحياناً الكبار.

فكرة الإعلان كانت بسيطة، وتركز على قدرة ألوان اللخبطة على قلب الأشياء والكائنات، فتحول القطة إلى كلبة، والكلبة إلى قطة، والأسد إلى فأر، والفأر إلى أسد وهكذا.

شهرة الإعلان لم ترتبط بكفاءته وصناعته الجيدة وفقط، بل ارتبطت بقدرته على التعبير عن التحول الذى بدأ يحدث فى مصر السبعينات، وتحديداً بعد حرب أكتوبر المجيدة، فقد بدأ الناس يشعرون بأن الأشياء تتلخبط على بعضها البعض، الانفتاح تلخبط على الاشتراكية، والحرب على السلام، والدين على الدولة، والفرعونية على القومية وهكذا، بعبارة أخرى صار المشهد العام فى مصر وكأن يداً أمسكت بـ«ألوان اللخبطة».

وأخذت «تدلق» منها على ورقة بصورة فوضوية، فرسمت أشكالاً ذات ألوان متناقضة بصورة تثير السخرية.

حين تتلخبط الأشياء تطيش الرؤية، وتصبح ألوان اللخبطة سبباً فى عمى الألوان، وإضعاف قدرة الإنسان على التمييز بين الأشياء والأشكال، فتتداخل الصور ويطيش النظر.

وليس ثم من هدف لعملية اللخبطة -فى مثل هذه الأحوال- سوى إحداث أكبر قدر من التشوش لدى العقل العام وداخل الوجدان العام، فلا شىء يؤدى إلى التشوش قدر التداخل الفوضوى، والنتيجة التى تترتب عليه فى الأغلب تتحدد فى عدم القدرة على الإمساك بحقيقة، فكل شىء منفلت وينفلت من اليد، كما ينفلت الماء.

وقد عاش المصريون هذه الحالة فى السبعينات (وحقب عديدة أخرى فى تاريخهم).

يكفى أن يتذكر من عاصروا هذه الحقبة حالة اللخبطة ما بين ما اختزنته الذاكرة حول الحرب المقدسة من أجل تحرير الأرض العربية السليبة، والصور الجديدة التى بدأت تتدفق -بعد زيارة السادات لإسرائيل- حول السلام وحلاوة السلام والآيات القرآنية التى تمجد السلام، والأغانى التى تمجد السلام وتحتفى بموقفنا البادئ بالسلام: «بالسلام إحنا بدينا»، وغير ذلك.

لم يسترح الناس لحالة التشوش التى عاشوها فى ذلك الوقت (أواخر السبعينات)، وحاول كل منهم الانفلات بطريقته، فتشبث بعضهم بالماضى وعاشوا عليه، والتفت آخرون إلى الحاضر وركزوا فيه، وكان صناع السلام أسعد بمن التصق بالحاضر الناعم المسالم الذى يدعون إليه، ويوجهون الاتهام إلى من يتشبث بالماضى هروباً من حالة التشوش التى تغلب على الواقع بالوقوع أسرى ما أطلقوا عليه «الحاجز النفسى»، الذى يمنعهم -لأسباب نفسية بحتة- من القبول بفكرة السلام مع إسرائيل.

وكان صاحب هذا المصطلح أستاذ الطب النفسى الشهير الدكتور محمد شعلان، رحمه الله، وقد اعتمد على مفهوم «الحاجز النفسى» كأساس لتفسير رفض العديد من القطاعات الشعبية لفكرة التطبيع مع العدو الإسرائيلى، ولما لم تفلح هذه المحاولة اتجه صناع السلام إلى تعميق لعبة التشويش حتى كادت العديد من مشاهد الحياة فى بر المحروسة -أواخر السبعينات- تتلون بألوان اللخبطة.. ليصبحوا آخر لخبطة.

arabstoday

GMT 11:21 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظ أفضل وراحة بال

GMT 11:19 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

صوت الجندي المكتوم في قارورة بحرية!

GMT 11:17 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الجفاف يجتاح إيران وحرب مياه في أفق المنطقة

GMT 11:13 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سقوط الفاشر... هل يُكرر السيناريو الليبي؟

GMT 11:10 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سرقة متحف اللوفر

GMT 11:06 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

السيدة المعجزة

GMT 10:57 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وحلم الولاية الثالثة

GMT 10:55 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ساركوزي ولعنة ليبيا والقذافي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آخر لخبطة آخر لخبطة



شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 11:57 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

GMT 08:03 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يصعد بعد تراجع مخزونات الخام الأميركية اليوم الأربعاء

GMT 05:50 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الأبراج الفلكية التي تملك أسرار السعادة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab