الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

 العرب اليوم -

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»

بقلم : فاطمة ناعوت

ماذا على العظماءِ أن يفعلوا حينما يُغتالون أدبيًّا ومعنويًّا؟! هل يحملون سيوفَهم ويذودون عن أنفسهم؟ هل يقودون جيادَهم ويقتحمون حصونَ العدو ليدكّوها فوق رؤوسهم؟ هل يجوبون الطرقات حاملين الأبواق ليسردوا على الملأ دنايا خصومهم وفضائحَهم، فتبرأ ساحاتُهم؟ هل يقرعون الطبول فى الساحات، ويستعرضون جراحهم أمام الجموع، ليشهد الناسُ أنهم طُعنوا، وأنهم لم يكونوا هم الطاعنين؟ لا. مطلقًا. لا يفعل العظماءُ شيئًا. فقط يجلسون فى هدوء يحتسون قهوتَهم ويتسمعون إلى الموسيقى، ويبتسمون وهم يشاهدون أعداءهم يتساقطون من تلقاء أنفسهم تحت معاول الشرفاء. ومن هم الشرفاء؟ الظهيرُ الشعبى للعظماء.

أكثرُ ما يُبهجُنى فى كل محاولةٍ لهدم رموز مصرَ الفكرية أو الأدبية أو الفنية أو العلمية أو السياسية، هو تأملُ الجدار الشعبى الفولاذى الذى تتكسر عليه رصاصاتُ الحسد وسهامُ الغَيرة التى يطلقها أعداءُ مصر على قواها الناعمة. تتجلّى عبقريةُ الشعب المصرى فى سحق «الأصفار»، التى تتقافزُ وتتواثبُ وتتقلَّبُ وتتشقلبُ فى محاولات يائسة بائسة لهدم «الرقم الصعب”.

ويبدو أن هذا نمطٌ تاريخى متكرر لم يخلُ منه عصرٌ ولا فرَّ منه مجتمع. يخبرنا التاريخُ كيف سخر أدعياءُ الفنّ من «فان جوخ»، ثم جعلته البشريةُ أيقونة الجمال الإنسانى الخالد، وكيف حورب «جيمس جويس» ومُنعت روايتُه «عوليس» من التداول، لكن القراءَ جعلوه حجرَ الزاوية فى الأدب الحديث، وكيف سُخر من «ألبرت آينشتين» باعتباره متوحدًا غريبَ الأطوار؛ لكن المجتمعَ العلميَّ حوَّله إلى أيقونةِ «عقل العصر»، وكيف تعرّض «تشارلى شابلن» لحملات تشويه فى الصحافة الصفراء، فحفظه الجمهورُ العالمى ضميرًا للضحك الحزين، وكيف سُخر من إبداع «فرجينيا وولف» باعتباره من الهذيان النسوى، لكن القراءَ جعلوها واحدةً من أعمدة الحداثة الأدبية. وفى مصرَ حورب »طه حسين« من صغار الكتّاب وشيوخ الضجيج، فحماه الوعيُ الثقافى حتى ظلَّ عميد الأدب العربى شاهقَ القامة أحدَّ بصرًا وبصيرةً ممن حاولوا هدمه. ونُحر «نجيب محفوظ» بخطاب تكفيرى بائس، فحوّله المثقفون إلى رمز أخلاقى للأمة. ولوحق «يوسف شاهين» بتشويه أخلاقى تعس، فرفعه جمهوره إلى العالمية. وكُفِّر «أحمد لطفى السيد» وجعله الزمنُ رمزًا للعدالة والتنوير. والأمثلة لا تنتهى منذ سقراط، وبيكاسو، وكافكا، وتولستوى، وغيرهم، فى كل مرة لا ينتصر العظيمُ بنفسه لنفسه، بل ينتصر له الناس والتاريخ. لأن الدفاع هنا ليس عن شخص، بل عن معيار، وعن معنى، وعن قيمة. فى كل مرة يمتلك الصغارُ أبواقَ الضجيج والصراخ، والناس يملكون الزمنَ. والزمنُ دائمًا فى صف الكبار.

بعد الأحداث الكوميدية الأخيرة هاتفتُ المايسترو «محمد صبحى» لأطمئن عليه. وكان حديثًا طويلا أخبرنى فيه عن المسرحية الجديدة التى يعمل الآن على رسم خُطّتها، وسوف تكون بحق مفاجأة حقيقية، ولكن غير مسموح لى الحديث عنها الآن. وفى نهاية المكالمة ضحكتُ وقلتُ له: «سيبك من كل ده يا مايسترو... إيه رأيك فى جمهورك الذى ردَّ عنك سهامَ الحسد، فارتدت إلى صدور الحاسدين؟» فقال كلمتَه التى خلدتها الصحف: «احترمتُهم، فاحترمونى».

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

GMT 10:00 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

شتاء طويل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي» الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:13 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رياض محرز يسجل أسرع هدف في كأس أمم أفريقيا 2025
 العرب اليوم - رياض محرز يسجل أسرع هدف في كأس أمم أفريقيا 2025

GMT 16:54 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

اعتقال غريتا تونبرغ في لندن خلال مظاهرة داعمة للفلسطينيين

GMT 09:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

مقتل ثلاثة أشخاص بينهم شرطيان بانفجار في موسكو

GMT 09:10 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

توقف إمدادات الغاز الإيراني عن العراق

GMT 09:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جيش الاحتلال الإسرائيلي ينسف المناطق الشرقية وسط غزة

GMT 09:17 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتحامات إسرائيلية بمدن وبلدات في الضفة الغربية

GMT 18:59 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يؤكد أن إسرائيل تعلم أن إيران تجري "تدريبات" مؤخرا

GMT 09:07 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن عن عطل كهربائي قبيل تحطم طائرة تقل عسكريين ليبيين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab