بقلم - أمينة خيري
أمريكا فى طريقها إلى اتخاذ الإجراءات «القانونية» اللازمة لتصنيف «الإخوان المسلمين»، أو على وجه الدقة تصنيف بعض فروعها، منظمات إرهابية أجنبية. الأمر التنفيذى، الذى وقعه الرئيس ترامب، يشير إلى أن الفروع المشار إليها «ترتكب أو تسهل أو تدعم العنف وحملات زعزعة الاستقرار التى تضر بمناطقها ومواطنى أمريكا ومصالحها».
وقبل أيام، أعلن حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت إدراج الجماعة ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) على قائمة «المنظمات الإرهابية الأجنبية» و«المنظمات الإجرامية العابرة للحدود».
مثل هذا التصنيف يعنى أن الجماعات أو الكيانات المدرجة تحرم من شراء أو امتلاك الأراضى داخل الولاية، كما يخول المدعى العام اتخاذ الإجراءات القانونية لإغلاق مقارها. وكما هو متوقع، «كير»- الذى يمتلك نحو ٣٠ فرعاً فى أمريكا- اتهم حاكم الولاية الجمهورى بأنه اتخذ قراراً مسيساً «لخدمة أجندة مؤيدة لإسرائيل» (وكأن الإخوان هم ألد أعداء إسرائيل ورافعو راية التصدى لها)، و«تأجيج الهستيريا المعادية للمسلمين» (وكأن الجماعة تمثل الإسلام، والإسلام لا يكتمل إلا بالجماعة).
الجماعة، وفروعها وأذرعها من مجالس للتفاهم ومراكز للبحث والفكر وجمعيات لجمع التبرعات وهيئات للتفاهم والتسامح وغيرها، خيوط عنكبوت تُرِكت ترتع فى ربوع العالم. وهى جماعة أخطبوطية بمعنى الكلمة. تتمتع أنواع معينة من العنكبوت من عودة نمو أرجلها، فى حالة الجماعة أذرعها، بعد قطعها بفترات تتراوح بين خمسة وثمانية أسابيع. تحظر هنا، فتنتعش هناك. تمنع هنا، فتدشن ذراعا جديدة هناك، تتهم هذه الجمعية بأنها تنتهج نهج الجماعة الفوقى الإقصائى الذى يلجأ للعنف حين تقتضى المصلحة هنا، تقسم جمعيات وحركات الشرق والغرب بأغلظ الأيمانات ألا علاقة تجمعها بها من قريب أو بعيد، وأن من كان يعتنق منهجها قبل سنوات، نبذه وتركه ولم يعد «إخواناً».
ومن يملك الوقت والإرادة يمكنه تتبع أصول وخلفيات ومرجعيات هذه الكيانات، وسيذهل من حجم التشابك فى علاقاتها ببعضها البعض. على سبيل المثال لا الحصر، محمد الإبيارى أحد قيادات الجماعة وأحد أكبر مسؤوليها فى أمريكا عمل فى إدارة الرئيس السابق أوباما عضواً فى «المجلس الاستشارى للأمن القومى الأمريكى»، وكان مدير فرع منظمة «كير» فى هيوستن فى ولاية تكساس.
كل المطلوب حالياً التأمل فى ثلاث نقاط: رد فعل العديد من دول العالم «الديمقراطى» حين كانت مصر تتجرع الإرهاب فى أعقاب يونيو ٢٠١٣ والمدافع عن الجماعة السلمية «التى تحمل الخير لمصر»، تجاذبات العلاقات والمصالح بين الجماعة وأذرعها من جهة، والعديد من هذه الدول من جهة أخرى لتشهد صعوداً وتقارباً ومودة ثم هبوطاً وتباعداً وضغينة، ومنهج الجماعة القائم على وصف كل ما تتعرض له من تضييق أو تحجيم لسمومها بأنه «حرب على المسلمين» وتقديم نفسها باعتبارها الوحيدة التى تقف فى وجه إسرائيل.
وهنا، يحضرنى مشهد تظاهرة «الحركة الإسلامية»- وثيقة الصلة بالجماعة- فى تل أبيب أمام مقر السفارة المصرية والرافعة لأعلام إسرائيل لمطالبة المصريين «الأشرار» بفتح معبر رفح، والمؤكد أن لأرجل الأخطبوط بقية.