بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
مع أننى أومن بشدة بمبدأ عدم التعليق على الأحكام القضائية، فإننى سوف أخرج اليوم عن ذلك التقليد، لأعرب عن سعادتى البالغة بأنباء الحكم الذى أصدره القضاء المصرى مؤخرا برفض دعوى منع عرض الفيلم السينمائى «الملحد»!، عن قصة الأستاذ إبراهيم عيسى. وقولا واحدا، فإن ذلك فى تقديرى يشكل نقطة مضيئة كالعادة فى تاريخ قضاء مصر الشامخ كما نقول ونعتز دائما! غير أن ما أدهشنى كثيرا، بصراحة شديدة، هو أن المطالبين بمنع الفيلم (الذى أجازته الرقابة على المواصفات الفنية) أفراد عاديون، ومن علية القوم، وليسوا من بعض الجماعات الدينية الأهلية، المتعصبة أو المتشددة، المنتشرة فى كل أنحاء مصر، سواء فى الصعيد، والتى يفترض بسهولة أن يكون ذلك هو موقفها المتسق مع توجهاتها المتطرفة! الأصل فى القضية أيها السادة هو التناقض مع مبدأ حرية الفكر والعقيدة فى الإسلام.. وهل نحتاج اليوم، ونحن فى القرن الحادى والعشرين، أن نلفت النظر إلى ما يؤكده الٌقرآن الكريم على نحو لا شك فيه مطلقا من حرية الاعتقاد..؟.. (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى).. و(ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا). من ناحية أخرى، تقترب نسبة الملحدين رسميا فى العالم اليوم - وفقا لبعض الإحصاءات الدولية الموثقة من خمسة وأربعين فى المائة من سكان الكرة الأرضية . أيضا، فإن تاريخ الأدب العربى يضم تراثا فكريا إلحاديا أو يكاد، يعرفه كل نقاد الأدب العربى! وهل نستغرب موجات الإلحاد المعاصرة التى تعزى إلى التفوق العلمى الهائل والتطور المذهل فى جميع مجالات العلم والذكاء الاصطناعى...! ومع ذلك..، وفى يقينى الخاص، يظل الإنسان – بحكم فطرته، وبحكم طبيعة الأشياء، وفى وقت البلاء والمحن والشدائد، وأيا كان معتقده - أن يتطلع إلى السماء، كما فعل أجدادنا العظام منذ آلاف السنين. ولذلك أرحب كثيرا بفيلم الملحد وربما يكون مرشدا لإيمان بعض من يهتز إيمانهم.