بقلم:مشاري الذايدي
هل انتهت عملياتُ «القاعدة» و«داعش» وأحزابِ الله، وأشباهِ هذه الجماعات، أو التي تناسلت منها؟! أم أنَّ الإعلام ولّى وجهَه قِبَل قِبلة أخرى؟!
من الأخبار السارّة أن تختفي مثل هذه الجماعات، وتنتهي أعمالُها الإجرامية، بحق العباد والبلاد، وبحق سمعة الإسلام العظيم نفسه.
لكن الدنيا ليست هكذا، ألم يقل الشاعر الحكيم أبو الحسن التهامي عن طبع الدنيا:
طُبِعَت عَلى كدرٍ وأنتَ تُريدها / صَفواً من الأَقذاءِ والأَكدارِ؟!
ومُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعها / مُتَطَّلِب في الماء جَذوة نارِ!
وإِذا رجوتَ المُستحيل فإِنَّما / تَبني الرجاءَ على شَفيرٍ هارِ!
هذا طبْع الدنيا، من حيث العموم، وهذا طبع هذه الجماعات وتلك الأفكار من حيث الخصوص، ما بالك وإن دواعي انتشار هذه الزُمَر والثقافات وازدهارها، ساخنة فوّارة.
في دول أفريقية مثل: مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وجيرانها العرب مثل ليبيا وأطراف السودان والجزائر، نشاط هذه الجماعات على قدمٍ وساق، ومثل ذلك في الصومال واليمن.
بل إنَّه الآن، ومع وجود السلطات الحالية في سوريا، فإنَّ نشاط «داعش» وبعض تفرعات «القاعدة»، مقلقٌ وهناك صدامات فعلية في سوريا وتركيا والعراق.
بل لم ينتهِ الخطرُ حتى في الخليج، فيوم أمس قبضت الكويت على مقيم عربي الجنسية منتمٍ إلى جماعة إرهابية، تُخطّط - كما جاء في الإعلام الكويتي - للنيل من أمن الكويت، وزعزعة نظامها الأمني وإشاعة الفوضى، بتنفيذ عملية إرهابية تفجيرية تستهدف دور العبادة.
الداخلية الكويتية ذكرت أنَّها ضبطت المتهم عقب متابعة ورصد، حيث عُثر في مقرّ سكنه على أجهزة ومواد تدخل في صناعة المفرقعات، إضافةً إلى طرق تحضيرها واستعمالها، مما يثبت خطورة المخطط الذي رغب في تنفيذه، وفقاً للداخلية.
ما نُذكّر به ليس تخويفاً وتهويلاً، بل تذكير، فالذكرى تنفع المؤمنين، وحتى لا تتراخى الهِممُ على وسائد الوهم، وحتى لا يُترك الجيل الغضّ «جيل زد» (Gen Z) خِلواً من الفكر المُضادّ لفكر «داعش» و«القاعدة» وأحزاب الله، فهذه الجماعات استطاعت تخليق نسخ حديثة منها على منصات السوشيال ميديا، مُصمّمة لمخاطبة هذا الجيل، بعيداً عن رقابة الإعلام وبقية المراقبين.
من الأشياء المُضحكة المبكية هراء بعض الناس في تعليقات السوشيال ميديا، وحاصل هذا الهراء القول بأنَّنا «خلاص مافيش إرهاب وصحوة»، نحن نعيش في عصرٍ جديد، عصر الذكاء الاصطناعي والمستقبل... إلخ، وكأن «داعش» أو «القاعدة» أو أحزاب الله، أو بقية نُسخ الأصولية السياسية، المُسلّح منها وغير المُسلّح، لن تستخدم هذه الأدوات لصالحها؟!
قائل هذا اللغو من القول، كما ذُكر هنا مِراراً، أحد شخصين: غافلٌ جاهل، أو ماكرٌ ناكر.