بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
إلى أين يتجه الوضع فى لبنان فى ضوء الخلاف الحاد على قرار مجلس الوزراء حصر السلاح بيد الدولة وحدها؟ سؤال يثير اهتمامًا كبيرًا ويُثار بشأنه جدل واسع. والسؤال منطقى فى ظل التناقض بين موقفى سلطة الدولة اللبنانية وحزب الله تجاه هذا القرار. تنطلق الرئاسة ومجلس الوزراء من أن حصر السلاح ضرورة وطنية لكونه السبيل الوحيد لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلى من المواقع التى تحتلها فى الجنوب، ووقف هجماتها التى لم تتوقف على مواقع أخرى منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى 27 نوفمبر الماضى، علاوة على ضرورته لتجنب اعتداء إسرائيلى أوسع نطاقًا بذريعة ضرب البنية التحتية العسكرية لحزب الله.
ومنطق القرار، على هذا النحو، هو أن نزع سلاح حزب الله ينزع من الكيان الإسرائيلى الذريعة التى تتذرع بها حكومته لاستباحة أراضى لبنان وأجوائه. كما أنه الطريق الوحيد للحصول على دعم دولى للاقتصاد اللبنانى المترنح، والبدء فى عمليات إعمار المناطق التى دُمرت خلال الاعتداء الإسرائيلى الواسع فى خريف العام الماضى. ويجادل حزب الله وأنصاره، فى المقابل، بأن سلاحه لا يزال يمثل قوة الردع الوحيدة فى مواجهة الكيان الإسرائيلى، وأن نزعه يعنى حرمان لبنان من القوة العسكرية الأساسية الموجودة لديه. كما يقولون إن قرار مجلس الوزراء جاء إذعانًا لضغوط وإملاءات أمريكية تحقق مصلحة إسرائيلية. ويلجأ بعض أنصار الحزب إلى الورقة الطائفية عبر الدفع بأن هذا القرار يثير مخاوف الطائفة الشيعية التى يوفر لها السلاح المراد نزعه الشعور بالأمن والاطمئنان. الموقفان، إذن، متناقضان على نحو يوحى بأن الصدام آت لا محالة. ومع ذلك يظل تجنب هذا الصدام ممكنًا وجائزًا، خاصةً إذا تحلى قادة حزب الله بالحكمة، وتعاملوا مع تحركات الجيش لتنفيذ المهمة المُكلف بها بحكمة وتجنبوا أى احتكاك يؤدى إلى اشتباك، وقد يُشعل حربًا داخلية لا مصلحة لأى لبنانى فيها. وهذا احتمال وارد قياسًا على طريقة تعاطى قيادة الحزب مع عمليات المداهمة التى قام بها الجيش لمخازن أسلحة تابعة للحزب طيلة نحو سبعة أشهر منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.