بقلم : محمد أمين
انطلقت أمس المرحلة الثانية للانتخابات.. وما زلنا بصدد سلبيات المرحلة الأولى، وما يثور حولها من أسئلة وانتقادات.. تلقيت مشاركة جديدة من الصديق الدكتور محمد إبراهيم بسيونى، يؤكد فى رسالته أن ما أثير بشأن الانتخابات ليس معارضة، وإنما جرس إنذار.. وإليكم نص الرسالة:
«ما طرحه الكاتبان الجليلان الأستاذ الدكتور محمد شتا وسيادة الوزير عمرو موسى، يكشف عن أزمة أعمق من مجرد «إخفاق انتخابى» أو «سوء إدارة عملية الاقتراع»؛ نحن أمام خلل بنيوى تراكم عبر سنوات، خللٌ جعل أى استحقاق انتخابى يبدو وكأنه إجراء شكلى لا يملك القدرة على إنتاج تمثيل حقيقى أو منافسة حقيقية!.
صحيح أن جميع المرشحين يدورون فى الفلك نفسه، وصحيح أن الساحة خالية من معارضة حقيقية أو برامج مختلفة، لكن الأخطر ليس غياب المعارضة بل غياب الإرادة فى صناعة مناخ يسمح بوجودها أصلاً. وحين تتحول الانتخابات إلى عملية محسومة، تتكرر نفس نتائج «التعيين الشعبى» مهما تغيرت الأسماء واللافتات!.
أما توزيع الأرقام، وضمان نجاح أحزاب بعينها، وحديث بعض المرشحين بثقة مطمئنة تشبه «نتائج معلّبة مسبقًا»؛ فهذا ليس مجرد تجاوز فردى، بل رسالة واضحة بأن قواعد اللعبة لم تتغير، وأن فكرة المنافسة لا تزال تُدار بذات عقلية ما قبل 2011 وما قبل 2005 أحيانا!.
الخطورة الحقيقية ليست فى «مَن فاز» أو «كيف فاز»، بل فى أن نصف البرلمان قد يُنتخب بأقل من 5٪ من أصوات الشعب، دون أن يعرف الناس أسماءهم. وهنا لا نتحدث عن أزمة انتخابات فقط، بل أزمة شرعية تمثيل، وأزمة ثقة بين الدولة والمجتمع!.
أما تحميل لجنة الخمسين وحدها مسؤولية ما وصلنا إليه فهو تبسيط مخل؛ المشكلة لم تكن فى نصوص الدستور بقدر ما كانت فى تعطيل روحه وتفريغ مواده وتحويل القيود إلى استثناءات!.
إن إعادة الثقة فى الدولة تبدأ من احترام وعى الناس وحقهم فى اختيار من يمثلهم دون هندسة سياسية، ومن فتح المجال العام، والإعلام، والحياة الحزبية، بدلاً من محاولة ضبط النتائج مسبقًا. فالشعب الذى التف حول الدولة فى اللحظات المصيرية لا يحتاج إلى وصاية، ولا إلى نتائج مُعدة، ولا إلى مشاهد انتخابية تسىء أكثر مما تفيد!.
إن ما يقال اليوم ليس معارضة، بل جرس إنذار من داخل القاعدة المؤيدة نفسها: إصلاح المسار لم يعد رفاهية، وتأجيل المواجهة مع الواقع لن يصنع استقرارًا، بل يؤجل انفجارًا فى لحظة ما!.
المطلوب ليس انتخابات جديدة، بل قواعد جديدة.. ليس دستورا مختلفا، بل احترام الدستور القائم.. ليس برلمانا شكليا، بل حياة سياسية حقيقية تعيد للدولة هيبتها وللناس ثقتهم»!.
د. محمد إبراهيم بسيونى