بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يحتاج تدريس التاريخ فى المدارس إلى مراجعة شاملة. لا يصح التعامل مع مادة التاريخ ومقررها الدراسى باعتبارها أمرًا ثانويًا أو أقل أهمية من غيرها. ولا يجوز الاستمرار فى تدريسها بطريقة روتينية لا تسهم فى تشكيل المعرفة الضرورية بالتاريخ سواء المصرى أو العالمى. فمن لا يعرف التاريخ قد يجهل الطريق إلى المستقبل لأنه لا يدرك دروسًا ثمينة يزخر بها تاريخ الأمم.
ولكى تُعطى مادة التاريخ حقها لابد من زيادة الوقت المخصص لتدريسها، وإعادة هيكلة مقرراتها الدراسية. يحسن أن يبدأ تدريس التاريخ من الصف الرابع فى المدارس الابتدائية، على أن تزداد جرعة المقرر الدراسى كل عام بعد ذلك. وبدءًا من الصف الثالث فى المدارس الإعدادية يحسن أن يكون هناك كتابان يدرسهما الطلاب فى حصتين وليست حصة واحدة. يمكن أن يكون الكتاب الأول عن تاريخ مصر عبر العصور، والثانى عن تاريخ العالم بما فى ذلك المنطقة العربية. قد يحدث تداخل طفيف بين بعض أجزاء الكتابين لأن تاريخ مصر لا ينفصل عن التاريخ العالمى, ولكنه لا يضر، بل قد ينفع.
ومهم أيضًا مراجعة منهجية تدريس مادة التاريخ. كثير من الأحداث فى تاريخ مصر والعالم مختلَف على هذا الجانب أو ذاك فيها، وتوجد روايتان أو أكثر لكل منها. ولذا يتعين أن يأخذ مؤلفو مقررات التاريخ الدراسية هذا الاختلاف فى اعتبارهم، ويذكروا الروايتين أو الروايات المختلفة بشأن هذا الحدث أو ذاك. وتساعد هذه الطريقة الطلاب فى إعمال عقولهم والمقارنة بين الروايتين أو الروايات التى يدرسونها. ويفيد كثيرًا أن تتسع حصص التاريخ فى الصفوف المختلفة لنقاش حر يقول فيه الطالب ما يراه بشأن الاختلاف بين روايتين أو أكثر لحدث تاريخى أو آخر. كما يفيد الإقلاع عن فرض رواية واحدة للتاريخ على الطلاب فى إعادة الاعتبار إلى أطراف تُظلم حين تُنتقى الرواية التى قد تنطوى على ظلم لها، وتُهجر أخرى تنصفها. مراجعة تدريس التاريخ، إذن، واجب نأمل ألا يتأخر تحقيقه كثيرًا.