بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
من منا لا يخطئ. كل إنسان معَّرض لأن يخطئ مرة واثنين وثلاثة وأكثر. وليس ذلك فقط فكثيرُ من الناس يدعون إلى الخطأ وهم يعتقدون أنه صواب. وليسوا قليلاً من يظنون أنهم يملكون الحقيقة فيتعصبون لما قد يكتشفون بعد ذلك أنه خطأ. وقد يمارس بعضهم العنف أو يُحرَّض عليه اعتقادًا فى أنه مسئول عن إصلاح العالم وتصحيح مسار البشرية. ولذلك فكثيرة هى الجرائم التى تُرتكب بسبب اعتقاد من يقترفونها فى أنهم على حق وأن الخطأ لا يعرف طريقًا إليهم.
ولكن الواقع أننا كلنا قابلون لأن نخطئ ولأن ندعو إلى ارتكاب الخطأ الذى نعتقد فى أنه عين الصواب. ولذا دعا مفكرون وفلاسفة إلى إدراك أننا قد نكون مخطئين, وعدم الاندفاع فى طريق الخطأ وصولاً إلى نهايته التى تكون مؤلمة فى الأغلب الأعم. قال الإمام الشافعى (767-820م) مثلاً إن رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب.
ودعا المفكر البريطانى كارل بوبر (1902-1994) بعده بأكثر من قرن إلى عدم الانخداع بالشعور الغريزى الخطير بأننى على صواب دائمًا، وأن من يخالفنى إنما هو المخطئ. وعنده أنه كلما كان هذا الشعور أقوى كان الخطر المترتب عليه أخطر.
وليس هذان إلا مثالين على تنبيه مفكرين وفلاسفة إلى خطورة الإصرار على أننى مُصيب لا أُخطئ أبدًا. ولذلك يتعين علينا أن نهتم بإمعان النظر فى آرائنا ومواقفنا وأفكارنا لمعرفة ما فيها من خطأ أو صواب. ولا يتسنى ذلك إلا إذا قبلنا أن كل رأى أو موقف يحتمل الصواب والخطأ، وأن علينا أن نكون معتدلين فى التعبير عما نؤمن بأنه صواب ومستعدين لمراجعته فور ظهور ما يدل على أنه خطأ، وأن تكون لدينا شجاعة الاعتراف بذلك سواء علنًا أو بيننا وبين أنفسنا.
علينا، إذن، أن نعنى بكشف الأخطاء فى آرائنا ومواقفنا وأفكارنا وتصحيحها والتعلم منها. ولذا ربما يكون الخطأ الذى لا يغتفر هو الإصرار على موقف خاطئ والإعراض عن فضيلة النقد الذاتى اللازمة لكى نتعلم من أخطائنا.