بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
تفقد أوروبا كل يوم مساحة من استقلال قرارات دولها عن الولايات المتحدة. دولها الكبيرة التى سادت العالم لفترة طويلة تتخذ من السياسة الأمريكية مرشدًا لها. مضى يوم كانت الشمس لا تغيب عن مستعمرات بريطانيا فى أنحاء العالم. وكانت فرنسا تنافسها فى التوسع الاستعماري، بينما اكتفت دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا بما لم تصل إليه غزوات لندن وباريس. كانت بريطانيا وفرنسا بصفة خاصة رأس الحربة فى الظاهرة الاستعمارية التى عانت عشرات الدول ويلاتها.
أصبحت هذه الدول, التى سادت العالم لفترة طويلة, تابعة اليوم للولايات المتحدة تنشد رضاها وتسير وراءها ربما أكثر مما تفعل دول صغيرة ومتوسطة رمت نفسها فى أحضان واشنطن أو اضطرتها الظروف لتسليم مقدراتها للسيد الأمريكي. كلمة واشنطن نافذة فى العواصم الأوروبية. فإذا قررت إدارة دونالد ترامب زيادة إسهامات دول حلف شمال الأطلسى «الناتو» فى ميزانيته، ورفع إنفاقها العسكرى تدريجيًا إلى 5% من الناتج المحلى لكل منها، كان لها ما أرادت. السمع والطاعة هما المبدآن الأساسيان فى علاقة الدول الأوروبية مع الولايات المتحدة فى الأمور المتعلقة بهذا الملف وأمور أخري.
وأكثر من ذلك تبادر دول أوروبية كبيرة فى بعض الأحيان باتخاذ خطوات تريدها الولايات المتحدة حتى قبل أن يُطلب منها ذلك. وآخر هذه الخطوات إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بدعوى عدم الوفاء بالتزاماتها فى خطة العمل الشاملة المشتركة المتعلقة ببرنامجها النووى دون مراعاة الآثار السلبية لهذه الخطوة على الوضع المتوتر فى المنطقة كلها.
تزعم بريطانيا وفرنسا وألمانيا أن إيران لا تفى بالتزاماتها وتسعى إلى صناعة قنبلة نووية رغم تأكيد الرئيس الأمريكى ترامب أن الضربة الإسرائيلية-الأمريكية المشتركة دمرت منشآتها النووية الأكبر والأكثر أهمية.
وحدث ذلك فى الوقت الذى كانت إيران تُجرى محادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إجراءات استئناف التعاون بينهما. ضربت أمريكا، مع الكيان الإسرائيلي، إيران عسكريًا فى يونيو الماضي. وها هى أوروبا تتبع أمريكا وتريد ضرب إيران اقتصاديًا وماليًا. فبئس التابع والمتبوع.