بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
تحاول حكومة نيتانياهو فرض نوع من الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة باستخدام القوة الخشنة العارية من أى غطاء قانونى أو أخلاقى، بعد أن فشلت محاولات سابقة لتحقيق هذه الهيمنة بطرق ناعمة فى تسعينيات القرن الماضى. ولكن الهيمنة الإسرائيلية غير ممكنة لأنها ببساطة ليست مقبولة من جانب الدول العربية، أو على الأقل معظمها وفى مقدمتها مصر التى قامت بدور رئيسى فى إحباط محاولة فرض هذه الهيمنة قبل ثلاثة عقود.
كان دور مصر عاملاً رئيسيًا فى وقف مشروع بيريز لجعل الكيان الإسرائيلى محركًا وموجهًا للتفاعلات فى المنطقة، ومحورًا تدور حوله العلاقات الإقليمية. ويشرح وزير خارجية مصر حينذاك عمرو موسى، فى الجزء الأول من مذكراته المعنونة «كتابِيَه»، كيف تصدت مصر لتحركات إسرائيلية استهدفت تحقيق مشروع بيريز. ويروى على سبيل المثال فى صفحة 405 أن بيريز اتصل به فى 30 أكتوبر 1994 لإبلاغه أنه تم الاتفاق على عقد اجتماع لدول المنطقة والولايات المتحدة. وندع موسى يروى: (سألته: من اتفق مع من على الاجتماع؟ وما الموضوع المطروح بالضبط؟. قال بيريز إن الاجتماع سيضم إسرائيل ومصر والأردن وتركيا وتونس والمغرب وربما دولا عربية أخرى، ومعها الولايات المتحدة. سألته: هل وافقت مصر على عقد هذا الاجتماع؟ قال: لهذا السبب اتصل بك الآن لإجراء الترتيبات. سألته: ما الهدف من الاجتماع؟ فقال: إنه الأمن فى المنطقة. قلت له إننى أجده أمرًا خطيرًا جدًا أن أُبلغ عن اجتماع يُعقد غدًا بشأن موضوع مهم مثل الأمن قبل أن تحدث مشاورات حوله وبالتالى أنا لا أوافق عليه، ولكن بالنظر إلى خطورة الموقف والاقتراح سأعرض الأمر على الرئيس مبارك). ويكمل موسى موضحًا أنه اتصل بمبارك ونقل إليه ما دار مع بيريز، ويضيف أن (مبارك فكر فى حديثى الأقل من دقيقة واحدة ثم قال لى: معك حق. أنا موافق على موقفك، وطلب منى التصرف على هذا الأساس». وقال لى فى نهاية المكالمة كلمة مازلت أذكرها وهى «بوَّظ» الاجتماع). وكان هذا موقفًا لا لبس فيه ضد محاولة فرض هيمنة إسرائيلية.