الحكام والتاريخ

الحكام والتاريخ

الحكام والتاريخ

 العرب اليوم -

الحكام والتاريخ

بقلم : مصطفي الفقي

يختلف تقييم الشعوب لحكامهم أثناء الحكم وبعد زوال السلطة غالبًا فى الدول التى لا تتمتع بالديمقراطية الكاملة وليس لديها الوعى الذى يسمح لها بتوجيه الانتقاد الموضوعى لأحداثٍ وشخوص تمر عليهم، والسبب فى ذلك يبدو أحيانًا كمن يتطلع إلى لوحة فنية فيرى فيها رتوشًا مبعثرة وخطوطًا متناثرة، لكنه إذا ابتعد عنها قليلا يجد فيها ما يوحى بالجمال وما يدعو للإعجاب، وقديمًا قالوا: (رب يومٍ بكيت منه.. فلما مضى بكيت عليه)، فحتى الزعامات الكبرى فى التاريخ وجدت من ينتقدها ويوجه إليها طعناتٍ سياسية وشخصية، فقد دخل الرئيس الفرنسى الأسبق «ساركوزى» السجن مؤخرًا بسبب جريمة قبول التمويل من نظام القذافى لحملته الانتخابية والتى يمكن تصنيفها كرشوة سياسية يعاقب عليها القانون الفرنسى، وليس الأمر كذلك فحسب، بل إن زعامة ضخمة بحجم الجنرال ديجول وجدت أيضًا من يوجه لها الانتقادات رافضًا سياساتها الأوروبية والدولية، كما أن جمال عبدالناصر فى مصر الذى حظى بأكبر رصيدٍ من الشعبية الجماهيرية فى تاريخنا المعاصر تعرض هو الآخر لحملاتٍ ضارية تركز على أخطائه وتغفل إيجابيات سياساته ومواقفه، كذلك فإن أحمد عرابى، زعيم ثورة الفلاحين داخل الجيش وخارجه، قد تلقى إهانات بالغة وهو فى المنفى وبعد عودته، وبدا الرجل الذى وقف أمام الخديو على حصانه شاهرًا سيفه قائلا: (لقد خلقنا الله أحرارا، ولم يخلقنا تراثا أو عقارا، فوالله الذى لا إله غيره إننا لن نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم)، وهو نفسه عرابى الذى عاد من المنفى بعد سنواتٍ من العزلة، وقد هجاه أمير الشعراء أحمد شوقى بأبيات شعر قاسية، وكان بعض الجهلاء يبصقون تجاه عرابى وهو يجلس على المقهى بعد عودته من المنفى باعتباره سبب البلاء الذى حل بالبلاد، وأدى إلى الاحتلال البريطانى لمصر، فالزعماء والقادة والحكام هم بشر يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق، ومن العبث أن نتصور أنهم تركيبة مختلفة أو نوعية متميزة من أصحاب الرأى وصانعى القرار، بل إن الطغاة والبغاة فى التاريخ الإنسانى المعاصر يتركون دائمًا بصماتٍ قاسية على الشعوب، خصوصًا أن التاريخ لا يرحم وأحكام الزمان تبقى قاسية، لهذا يجب علينا أن نضع كل قائد أو حاكم أو زعيم فى إطاره التاريخى ومرحلته الزمنية التى ينتمى إليها، فالذين ينتقدون حاكمًا بذاته أو قائدًا لدوره، إنما يتجاهلون الظروف التى كان يحكم فيها والمحاذير التى كانت تحيط به، ولا يدركون فى الوقت نفسه أن لكل عصر رموزه ولكل أوانٍ مواقفه، فمن العبث أن نلقى باللائمة وفق الهوى ونتيجة الرغبات الشخصية والمصالح الذاتية، فمحكمة التاريخ عادلة فى النهاية، وقد تنصف البعض لتنقلهم من ميدان الهوان إلى أعلى مراتب الوطنية ومواقع التقدير، كما أن العكس يمكن أن يحدث وهو أن يدرك الجميع أن مسيرة الحاكم أو القائد أو المسؤول فى عصر معين قد أعطته أكثر مما يستحق، وأن علينا أن ننظر إليه بحجمه الطبيعى دون الانهيار أمام كاريزما الزعامة أو الانبهار العاطفى حتى لا تغيب الحقائق أمامنا فى غمار الرؤى والأفكار والسياسات المختلفة. فلنكن موضوعيين فى أحكامنا محايدين فى تقديراتنا وآرائنا، مدركين أن البقاء لله وحده.

 

arabstoday

GMT 14:10 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الهدنة نتاج الحرب

GMT 14:09 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

شهادة «الموساد» النادرة لمصر

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلة قصيرة في عقل «حزب الله»

GMT 14:02 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ترقية «واوية» إسرائيل خطوة خبيثة

GMT 14:00 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ليبيا: ضحايا معلومون... وقتلةٌ مجهولون

GMT 13:59 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الزيارة السعودية

GMT 13:43 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القارة الأوروبية والحرب الهجينة الروسية

GMT 13:12 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عن عزم ترمب على تصنيف «الإخوان»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكام والتاريخ الحكام والتاريخ



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات العباية التراثية والستايلات الشرقية الفاخرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:07 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات النجمات تخطف الأضواء في حفل Fashion Trust Arabia 2025
 العرب اليوم - إطلالات النجمات تخطف الأضواء في حفل Fashion Trust Arabia 2025
 العرب اليوم - هاري كين يعود إلى شمال لندن لمواجهة آرسنال في دوري أبطال أوروبا

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة شائعة قد تصبح خطرة عند إعادة تسخينها
 العرب اليوم - أطعمة شائعة قد تصبح خطرة عند إعادة تسخينها

GMT 15:23 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يطمئن جمهوره بعد وعكته الصحية ويعلن عودته الفنية
 العرب اليوم - عمر خيرت يطمئن جمهوره بعد وعكته الصحية ويعلن عودته الفنية

GMT 15:12 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ناسا تخفض رحلات ستارلاينر بسبب مشاكل تقنية
 العرب اليوم - ناسا تخفض رحلات ستارلاينر بسبب مشاكل تقنية

GMT 10:47 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العالم توحد على (صوت هند رجب)!!

GMT 08:10 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب الشعير الكاملة لتعزيز الصحة وخفض الكوليسترول

GMT 05:39 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

هل ينجح ترامب في السودان؟

GMT 14:02 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

سبيس إكس تطلق 28 قمراً صناعياً جديداً من طراز ستارلينك

GMT 06:07 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات النجمات تخطف الأضواء في حفل Fashion Trust Arabia 2025

GMT 14:05 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان و«طبة» طبطبائي

GMT 08:35 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيل أسطورة بوليوود دارمندرا عن عمر 89 عاما

GMT 08:26 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتلال يجبر سكان عمارة سكنية شرقى نابلس علي الخروج

GMT 08:32 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابات برصاص وقصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق في قطاع غزة

GMT 18:36 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسطنبول تحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة

GMT 08:13 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ماليزيا تعتزم حظر استخدام وسائل التواصل لمن هم دون 16 عاما

GMT 02:45 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

رغم الاجتماع الودي ممداني لا يزال يعتبر ترامب فاشيا

GMT 08:29 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قرية شقبا غرب رام الله
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab