الصحافة والقانون

الصحافة والقانون

الصحافة والقانون

 العرب اليوم -

الصحافة والقانون

بقلم : مصطفي الفقي

ربطتنى بالكاتب الراحل الكبير مكرم محمد أحمد صلة قديمة ترجع إلى مطلع سبعينيات القرن الماضى، وكانت أول مرة التفت فيها إلى مكانته الصحفية الرفيعة هى عندما أصدر وزير الخارجية المرموق فى تاريخها إسماعيل فهمى - الذى كان بدرجة نائب رئيس وزراء - أمرًا دوريًا لأعضاء السلك الدبلوماسى لقراءة مقالٍ لصحفى شاب هو مكرم محمد أحمد بعنوان «الهجرة اليهودية إلى إسرائيل»، ثم توطدت علاقتى بذلك الكاتب المتميز من خلال عملى فى مؤسسة الرئاسة وعمله رئيسًا لمجلس إدارة دار الهلال ونقيبًا للصحفيين بعد ذلك، وأذكر أنه ذات صباح من نهاية تسعينيات القرن الماضى استقبلت مكالمة هاتفية من صديقى الأستاذ مكرم وأنا سفير فى فيينا، وقال لى يومها إن هناك مأزقا لدى نقابة الصحفيين ولكن جزءًا كبيرًا من الحل فى يدك، فأبديت دهشة لذلك، ولكنه استطرد قائلاً لقد علمنا أنك حاليًا من أقرب الناس إلى قلب الكاتب الكبير ثروت أباظة فى هذه الفترة وهو يذكر ذلك فى مجالسه المختلفة، وكنت قد أشدت به فى مقال لى بالأهرام على اعتبار أنه مع اختلافه الشديد مع العصر الناصرى والحركة القومية عمومًا إلا أنه لم يخلط بين ذلك وبين الود المفقود مع دولة إسرائيل وسياستها العدوانية، وكان طرازًا فريدًا يرفض الناصرية تمامًا ويرفض سياسات إسرائيل أيضًا، وأضاف الأستاذ مكرم فى حديثه إننا نلجأ إليك اليوم لأن صحفيًا شابًا اشتبك مع الكاتب الكبير حتى اتهمه الأستاذ ثروت أباظة بأنه سب أباه الذى كان وزيرًا فى العهد الملكى، ولا نرى طريقًا إلى قلب الكاتب الكبير حتى يصفح عن الصحفى الشاب إلا من خلال تدخلك شخصيًا، ولم أتردد بالطبع بالقيام بتلك المهمة فأجريت اتصالاً هاتفيًا فى نفس اليوم بالكاتب الروائى الكبير ثروت أباظة صاحب العبارة الرمزية الشهيرة (زواج عتريس من فؤادة باطل) وقد استقبل مكالمتى ببشاشته المعهودة ومحبته الزائدة، وعندما شرحت له مهمتى بعد مكالمة نقيب الصحفيين قال لى (هل يرضيك أن يسب شخص أباك بغير سبب؟وأن يحمله من الصفات السيئة ما ليست له، وأبى هو أبى فى النهاية سليل البيت الأباظى العريق، وهو سياسى تولى الوزارة فى مرحلة معينة، والله لو أنك طلبت منى أن أفعل كل ما دون ذلك لفعلت، إلا طلب العفو عن هذا الصحفى الشاب الذى أساء لى ولأسرتى بالقذف والتشهير حتى حكمت عليه المحكمة بالسجن وأصبح الأمر واجب النفاذ) وعندما قلت له إننى ضد مبدأ حبس الصحفيين عمومًا، علق قائلاً عندما يسب شخص أباك سيكون موقفك مختلفًا، وأنت تعلم مدى اعتزازى بك بحجم اعتذارى لك، فاتصلت بالأستاذ مكرم وأبلغته فحوى الحديث، فقال لى لقد انطفأ الأمل الأخير لنا فى هذه القضية، وأصبح حبس الصحفى الشاب وجوبيًا، وبهذه المناسبة تذكرت طرفة حدثت لى مع الأستاذ ثروت أباظة عندما كنت أجلس معه ذات مرة بصحبة الأستاذ أنيس منصور الذى كان يداعبه بالقفشات الضاحكة، يومها أوعز لى الأستاذ أنيس منصور أن أسأل الأستاذ ثروت أباظة كم مترًا من القماش يحتاجه لتفصيل حلته، وقد كان معروفًا بضخامة الحجم طولاً ووزنًا، وتوجهت مصطنعًا البراءة للأستاذ ثروت وسألته ذلك السؤال، فقال لى إن العيب ليس عليك ولكن على الخبيث الذى يجلس بجانبك ويملى عليك مثل ذلك السؤال، وضحكنا جميعًا فى أجواء من المرح والبساطة كانت سائدة فى ذلك الزمن الجميل، بقى أن أضيف هنا أن جرائم النشر تحتاج إلى مراجعة وإلى محاولة ضبط الإيقاع بينها وبين حرية الصحافة، ورفع القيود عن الرأى الآخر شريطة الالتزام بآداب الحديث وشرف الكلمة دون تجريح أو إسفاف يصل أحيانًا إلى تكوين جريمة قذف متكاملة الأركان! كما يجب أن تتوقف تلك الحملات الصحفية المغرضة التى تجافى الموضوعية وتبتعد عن ميثاق الشرف الصحفى الذى يجب أن يكون شعارًا لكل صاحب قلم بدلاً من المواقف الصاخبة والتجاوزات الصارخة التى عرفتها صاحبة الجلالة عبر العقود الأخيرة. .تحية لمكرم محمد أحمد فى مرقده ولثروت أباظة فى قبره ولأنيس منصور فى مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحافة والقانون الصحافة والقانون



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab