الندم الإيجابي والدبلوماسية المعاصرة

الندم الإيجابي والدبلوماسية المعاصرة

الندم الإيجابي والدبلوماسية المعاصرة

 العرب اليوم -

الندم الإيجابي والدبلوماسية المعاصرة

بقلم - مصطفى الفقي

كتبت من قبل عن الفارق بين الندم الإيجابى والندم السلبى مؤكدًا أن الندم الإيجابى هو أن تندم على ما فعلته أما الندم السلبى فهو الندم على ما لم تفعله، وفى الحالين يكون الاختيار البشرى هو سيد الموقف فإذا كان ذلك على مستوى الأفراد فما بالنا بالدول القائمة والنظم السياسية المؤثرة إذ إن القرار الدولى يكون له نتائجه الضخمة وآثاره الكبيرة والأمثلة على ذلك كثيرة، فامتناع العرب عن قبول قرار التقسيم عام 1948 أدى إلى نوع من الندم السلبى إذ إن تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى هو تاريخ الفرص الضائعة ما يعنى أننا لم نتمكن من حسم أمرنا واستشراف المستقبل البعيد، والقرار فى هذه الحالة يكون سلبيًا بكل المعانى، وأنا أظن أن الاختيار بين أمرين أحدهما إيجابى والآخر سلبى هو اختيار بين تقديم المصلحة العليا على المدى الطويل وبين الهروب من الواقع على المدى القصير، وما زلنا نذكر أنه حين دعيت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1978 إلى لقاء مينا هاوس بالقاهرة للاجتماع بين مندوبى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ومصر ومنظمة التحرير الفلسطينية رفض الفلسطينيون العرض وضاعت حينها فرصة لا أزعم أنها كانت مؤكدة، لكن أدعى أنها كانت ستحسب فى صالحهم على المدى الطويل، إن أسلوب الرفض الدائم للسياسات والرفض المستمر للمبادرات هو أسلوب عقيم ولا شك ورثناه عن فترة كانت فيها الأمور مختلفة، وكان للحياة فيها ما يستوعب التراخى وما يسمح بالتأجيل، فتاريخنا العربى حافل بالمواقف الاستثنائية التى عطلت المسيرة وأوقفت مسار الأحداث لعقودٍ طويلة، والعلاقة بين الندم السلبى والفرص الضائعة علاقة واضحة وليس يعنى ذلك أن كل قبول يؤدى للندم الإيجابى هو الأفضل، فالتعارض مع الثوابت والخلاف مع المصالح كلاهما يجعل للقاعدة استثناءات ولا يسمح لها بالمرور الدائم أبدًا، فليس كل ندم إيجابى أمرًا عظيمًا وليس كل ندم سلبى هزيمة نكراء، ولكن ما أريد أن أركز عليه فى هذه السطور هو أن ما يحدث حولنا يؤشر بالضرورة إلى حالة جديدة وفكر مختلف، فلو لم تقع أحداث السابع من أكتوبر 2023 فى إسرائيل ربما ما كنا نصل إلى ما نحن عليه اليوم، لكن ليس يعنى ذلك أن ذلك الحدث الضخم هو المسئول عما نحن فيه فاستمرار الاحتلال الإسرائيلى والمعاملة غير الإنسانية للفلسطينيين عمومًا هى المسئولة عن ذلك الذى جرى، فالاحتلال هو المتغير المستقل وهو السبب الأصيل لكل ما جرى، وقد كنت أتمنى شخصيًا لو أن قادة المقاومة ضد الاحتلال اجتمعوا على كلمة سواء واختاروا أسلوبًا عصريًا للمقاومة وفقًا للحالة الإسرائيلية الراهنة وتبنيها لسياسات عنصرية عدوانية تقوم على الاستيطان والتهجير القسرى والإبادة الجماعية، فلو أن قادة المقاومة تبنوا شيئًا من أساليب المقاومة لشعوب أخرى واضعين المهاتما غاندى نموذجًا مع اعترافى بأن إسرائيل كيان مختلف يصعب التعامل معه وتستحيل التسوية فى ظل سياساته، ولنا هنا ملاحظات نسوقها فيما يلى:


أولًا: إن استعراض الفرص الضائعة فى الصراع العربى الإسرائيلى تذكرنى بأول مرة سمعت فيها هذا التعبير من أبا إيبان وزير خارجية إسرائيل الأسبق بالنادى الدبلوماسى بالقاهرة فى خريف 1977، وقد ألح يومها بقوة على أن الجانبين العرب واليهود قد أضاعا فرصًا للتسوية ولازلت أذكر أنه اتخذ من قرار التقسيم ورفض العرب له نموذجًا لذلك، ولا بد أن أنبه أنه ليس كل الفرص الضائعة مسئولية عربية فإسرائيل من جانبها كانت تطرح هذه الأمور كبالونات اختبار تفتقر إلى الجدية وإلى شجاعة اتخاذ القرار وجرأة تغيير المواقف، وما زلت أذكر من فترة عملى مساعدًا لوزير الخارجية عامى 1999و2000 كيف أن إيهود باراك عرض على أبى عمار ورفاقه ما يصل إلى 97% من الأراضى التى يطلبها الفلسطينيون ولا شك أن الكل يتباكى على تلك الفرصة، ولأنى شاهد حى فقد حضرت اللقاء مع رئيس الجمهورية بحضور السيد عمرو موسى، وزير الخارجية، فإن السيد شلومو بنعامى، وهو يهودى من أصل مغربى كان سفيرًا لبلاده من قبل فى مدريد، أعلن يومها أمامنا صراحة أن إسرائيل أصبحت مقتنعة بحق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة على تراب أرضه الأصلية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، ولم يكن ذلك تعبيرًا دقيقًا عن النوايا ولا تفسيرًا مباشرًا للأهداف إذ أنه لم تكن هناك خرائط محددة، وكان الطرح فى معظمه فضفاضًا وعشوائيًا لا يعبر عن شىء بقدر ما هو نوع من الدعاية المصطنعة والتخدير المستمر للعرب والفلسطينيين على حد سواء، وإرسال رسالة للعالم مؤداها أن إسرائيل معنية بالسلام فى الشرق الأوسط، وهو أمر غير حقيقى.

arabstoday

GMT 16:04 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

ماذا لو حدث العكس؟!

GMT 16:03 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

الاختيار الثانى تحقق أمام بوركينا!

GMT 16:00 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

صور كاشفة ولها دلالات وعواقب

GMT 15:41 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

لِمَ تبخرت لجان التحقيق في الفساد ؟!

GMT 15:39 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

ترمب وسياسة الردع ذو الأولويّة

GMT 15:38 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

الاتصال بوصفه شكلاً من الضيافة

GMT 15:33 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

سلوك إيران... هو الموضوع!

GMT 11:41 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

العرب وفنزويلا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الندم الإيجابي والدبلوماسية المعاصرة الندم الإيجابي والدبلوماسية المعاصرة



الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 04:22 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

جيش الاحتلال يكثف عملياته العسكرية وسط غزة

GMT 04:17 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تعترض صاروخًا حوثيًا

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,10 أيلول / سبتمبر

فلسطين المستقلة ومستقبل الأمم المتحدة

GMT 04:26 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 2.6 تضرب البحر الأبيض المتوسط

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,10 أيلول / سبتمبر

استباحة سوريا.. بلا رادع

GMT 04:31 2025 الأربعاء ,10 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الأربعاء 10 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab