استباحة سوريا بلا رادع

استباحة سوريا.. بلا رادع

استباحة سوريا.. بلا رادع

 العرب اليوم -

استباحة سوريا بلا رادع

بقلم : عبد اللطيف المناوي

ليلة الإثنين الماضى، لم تكن عابرة فى سماء سوريا، إذ شنت الطائرات الإسرائيلية غارات كثيفة على مواقع فى حمص واللاذقية وتدمر. أصابت الضربات- وفقا للتقارير- مستودعات للأسلحة داخل كلية الدفاع الجوى قرب حمص، كما هزت الانفجارات ثكنة سقوبين العسكرية فى اللاذقية.

الهجمات الإسرائيلى باتت مشهدا متكررا وجزءا من يوميات سوريا خلال الفترة القصيرة الماضية، حيث تتعامل تل أبيب مع الأجواء السورية كفضاء مفتوح لعملياتها العسكرية، فى ظل غياب أى رادع سياسى دولى أو رادع عسكرى سورى قادر على وقف هذه الاعتداءات. حالة الاستباحة الإسرائيلية لسوريا ليست وليدة اللحظة، فهى تمتد منذ أواخر عام ٢٠٢٤ بشكل متسارع، بعد رسوخ النظام السورى الجديد، وتكشف عن خلل عميق فى ميزان القوى. المجتمع الدولى يكتفى ببيانات باردة، وكأن سيادة سوريا ليست سوى ورقة على الطاولة. هذا الصمت يفتح الباب أمام إسرائيل لتكريس سياستها القائمة على الضربات المستمرة، إذ لا تجد فى طريقها سوى بيانات شجب لا تغيّر من الواقع شيئاً. وهكذا تتآكل فكرة السيادة السورية أمام أعين الجميع، فيما يُعاد رسم الجغرافيا العسكرية للمنطقة بقرارات منفردة تفرضها قوة السلاح.

فى هذه الأجواء، يبرز الحديث عن اتفاق أمنى سورى– إسرائيلى يبدو فى تفاصيله أقرب إلى تسوية تُقنن الضعف السورى بدل أن تمنحه فرصة استعادة التوازن. البنود التى تسربت تكشف الكثير ومنها منع تعزيز الجيش السورى، حظر نشر الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوى، إنشاء ممر إنسانى إلى السويداء، نزع السلاح من مرتفعات الجولان، وإغراءات بإعادة إعمار البلاد بمساعدات أمريكية مقابل تحجيم النفوذ الإيرانى. المعادلة إذاً واضحة، ضمان التفوق الإسرائيلى، مقابل وعود اقتصادية وسياسية قد لا تتجاوز كونها أدوات لإدارة الأزمة.

لكن السؤال هنا هو: هل يكفى هذا الاتفاق إن وُقّع فعلاً لوقف الغارات المستمرة؟ التجارب السابقة تقول إن النصوص المكتوبة لا تردع الطائرات ولا توقف الصواريخ الإسرائيلية. ما لم تُنشأ آلية دولية جادة للمراقبة والردع، وما لم يتوافر حضور يوازن المعادلة على الأرض، ستظل إسرائيل تحتفظ بحق التدخل العسكرى متى شاءت، فيما تبقى سوريا عاجزة عن الرد.

فى ظل هذا الواقع، يبدو الاتفاق المرتقب إطاراً شكلياً أكثر منه ضمانة حقيقية، بل ربما غطاءً لمزيد من الاستباحة تحت ذريعة الحفاظ على التفوق الإسرائيلى.

إن المشهد السورى اليوم يعكس مفارقة صارخة، فهى بلد على وشك اتفاق أمنى مع عدو يحتل الأرض، فى الوقت الذى يتعرض فيه لقصف متواصل من هذا العدو ذاته. وبين ضعف الموقف الدولى وصمت القوى الكبرى، تتحول سوريا إلى ساحة مفتوحة تُفرض عليها الشروط من الجو كما من طاولة المفاوضات.

الاتفاق الأمنى قد يفتح أبواب الإعمار ويعيد بعض الاستقرار، لكنه لن يوقف لعبة الغارات ما دامت موازين القوة تميل بهذا الشكل الفج، وما دامت الاستباحة قد صارت جزءاً من الواقع اليومى الذى لا يجد من يردعه.

arabstoday

GMT 16:04 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

ماذا لو حدث العكس؟!

GMT 16:03 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

الاختيار الثانى تحقق أمام بوركينا!

GMT 16:00 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

صور كاشفة ولها دلالات وعواقب

GMT 15:41 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

لِمَ تبخرت لجان التحقيق في الفساد ؟!

GMT 15:39 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

ترمب وسياسة الردع ذو الأولويّة

GMT 15:38 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

الاتصال بوصفه شكلاً من الضيافة

GMT 15:33 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

سلوك إيران... هو الموضوع!

GMT 11:41 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

العرب وفنزويلا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استباحة سوريا بلا رادع استباحة سوريا بلا رادع



الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 04:22 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

جيش الاحتلال يكثف عملياته العسكرية وسط غزة

GMT 04:17 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تعترض صاروخًا حوثيًا

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,10 أيلول / سبتمبر

فلسطين المستقلة ومستقبل الأمم المتحدة

GMT 04:26 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 2.6 تضرب البحر الأبيض المتوسط
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab