استسلام إيران… وليس استسلام الحوثيين

استسلام إيران… وليس استسلام الحوثيين

استسلام إيران… وليس استسلام الحوثيين

 العرب اليوم -

استسلام إيران… وليس استسلام الحوثيين

بقلم - خيرالله خيرالله

نجحت سلطنة عُمان في وقف الهجمات المتبادلة بين الولايات المتحدة والحوثيين. سيكون مهمّا مستقبلا النجاح في حل سياسي لليمن يضع حدّا للمأساة التي غرق فيها البلد.

يمكن اعتبار ما حققته السلطنة خطوة أولى في طريق طويلة تخرج اليمن من الأزمة التي يعاني منها والتي جعلته بلدا في حاجة إلى عملية إعادة ترميم كاملة، بل إلى صيغة جديدة تجمع بين مكوناته. توجد مصلحة لدول المنطقة كلّها، خصوصا دول الخليج العربي، في عودة الاستقرار إلى اليمن وإعادة الحياة إلى البلد الواقع في شبه الجزيرة العربية والذي يعاني من حال تشظّ. استغلت “الجمهورية الإسلاميّة” في إيران حال التشظّي هذه إلى أبعد حدود بعدما وجدت لنفسها، عبر الحوثيين، موطئ قدم في شبه الجزيرة العربيّة. يمكن وصف ذلك بحالة غير طبيعية في ضوء الجهود الإيرانية الهادفة إلى جمع أوراق تفاوض بها “الشيطان الأكبر” الأميركي من أجل الاعتراف بدور مهيمن على الصعيد الإقليمي، بما في ذلك في منطقة الخليج.

جاء في البيان الصادر عن وزارة الخارجية العُمانية، وهو بيان صيغ بدقة بالغة، أنّ الحوثيين، في ضوء “التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين… سيتوقفون عن مهاجمة السفن الأميركيّة في البحر الأحمر وباب المندب، وبما يؤدي لضمان حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي.” كان لافتا عدم تطرق البيان إلى حسم نهائي لموضوع حرية الملاحة في البحر الأحمر واقتصار الأمر، في الوقت الحاضر، على التوقف عن مهاجمة الحوثيين للسفن الأميركية. ما تأمل به سلطنة عُمان وما يأمل به العالم هو التوصل في نهاية المطاف إلى ضمان حرية الملاحة في كل مناطق العالم من جهة وأن يشمل وقف إطلاق النار، من جهة أخرى، كلّ السفن التي تعبر باب المندب والبحر الأحمر وصولا إلى قناة السويس.

يبدو واضحا من البيان العُماني أن السلطنة دولة في غاية الواقعية وهي على علم بالتعقيدات التي تحيط بالموضوع الحوثي المرتبط أساسا بأهداف إيران التي دخلت في مفاوضات مع الولايات المتحدة. لكنّ البيان العُماني تنبّه في الوقت ذاته إلى حاجة الحوثيين إلى صيغة لإنقاذ ماء الوجه. لهذا السبب لم يتطرق سوى إلى أن السلطنة “تأمل بأن يؤدي ذلك إلى مزيد من التقدم في العديد من المسائل الإقليمية في سبيل تحقيق العدالة والسلام والازدهار للجميع.”

بكلام أوضح، إنّ وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين ليس سوى بداية، علما أن الرئيس دونالد ترامب سارع، على طريقته، في الإعلان عن “استسلام الحوثيين” تحت ضغط الضربات الأميركيّة المستمرة منذ أسابيع عدّة. ألحقت الضربات أضرارا كبيرة في البنية التحتية اليمنية من دون أن تؤدي عمليا إلى فقدان الحوثيين القدرة على استخدام الصواريخ التي يمتلكونها والتي وصل أحدها، قبل أيّام قليلة، إلى مطار بن غوريون في تل أبيب.

يتبيّن يوميا، مع إعلان الحوثيين أنّهم ما زالوا مصرّين على مهاجمة ما سمّوه “سفنا إسرائيلية” تعبر البحر الأحمر، أن هناك حاجة إلى ما هو أبعد من اتفاق أميركي – حوثي. بكلام أوضح، ثمة حاجة إلى اتفاق أميركي – إيراني، ذلك أن إيران غير مهتمة بما يحل باليمن واليمنيين وبمناطق سيطرة الحوثيين الذين يتحكمون بصنعاء والحديدة ومناطق أخرى في شمال البلد منذ 21 أيلول – سبتمبر 2014.

اللافت أن الاتفاق الأميركي – الحوثي جاء في اليوم الذي قصفت فيه إسرائيل مطار صنعاء ودمرته عن بكرة أبيه. هذا يعني بكل بساطة أن اليمن لم يعد ساحة مواجهة أميركية – حوثية فحسب، بل هو ساحة مواجهة إيرانية – إسرائيليّة أيضا. الأكيد أن سلطنة عمان تعرف ذلك جيدا. هذا ما يفسّر كلّ التحفظات التي تضمنها البيان الصادر عن وزارة الخارجية العُمانية، وهو بيان إن دلّ على شيء فهو يدلّ على عدم الإغراق في التفاؤل.

هناك أمران يدعوان إلى الحذر. أولهما الدخول الإسرائيلي المباشر على خط المواجهة مع الحوثيين واعتبارها ذلك جزءا من المواجهة مع إيران. صحيح أنّها ليست المرّة الأولى التي يقصف سلاح الجو الإسرائيلي أهدافا في اليمن، لكنّ الصحيح أيضا أنّه لم يسبق له أنّ تعمّد ضرب هدف مثل مطار صنعاء الذي باتت الحاجة إلى إعادة بنائه من جديد.

أمّا الأمر الثاني الذي يدعو إلى الحذر، فهو يتمثل في أن “الجمهوريّة الإسلاميّة” لا تأبه بما يحل باليمن واليمنيين. تعرف تماما أن الحوثيين مجرّد أداة لديها وهم على استعداد لتنفيذ كلّ طلب لها، تماما كحال “حزب الله” في لبنان.

في النهاية، تدرك سلطنة عُمان، قبل غيرها، مدى تعقيدات الوضع اليمني، بما في ذلك العلاقة العضوية التي تربط إيران بالحوثيين. سيكون هناك ملفان مهمان عليها التعاطي معهما في المرحلة المقبلة؛ ملفّ الحوثيين بحدّ ذاته وملف المفاوضات الأميركية – الإيرانية. سيتوقف الكثير على نجاح المفاوضات الإيرانية – الأميركية. كذلك، سيتوقف الكثير على مدى التأثير الإسرائيلي على القرار الأميركي وما الذي يريده الرئيس ترامب في نهاية المطاف. في حال كان الرئيس الأميركي يريد تعرية إيران من كلّ ما له علاقة بملفها النووي، لن يكون هناك خيار آخر أمامه غير الوصول إلى يوم يعلن فيه استسلام إيران وليس فقط استسلام الحوثيين. هل في استطاعة الرئيس الأميركي تحقيق هدف الفصل بين ما تريده الولايات المتحدة وما تريده إسرائيل؟ سيعتمد الكثير على ما إذا كان في استطاعة إيران توفير انتصار معنوي لترامب يستطيع بعده القول إنّه توصّل إلى اتفاق أفضل من ذلك الذي توصّل إليه باراك أوباما مع “الجمهوريّة الإسلاميّة” في العام 2015.

في كلّ الأحوال، وبغض النظر عن كلّ الاتفاقات التي يمكن التوصل إليها بين إيران وبين هذا الطرف أو ذاك، لا مستقبل للحوثيين في اليمن. أدوا قسطهم. مثلهم مثل “حزب الله” في لبنان كانوا ورقة إيرانيّة لم تعد فائدة تذكر منها…

 

arabstoday

GMT 18:57 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

هدف حكيمى جوهرة نصف النهائى الآخر

GMT 06:08 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب: الحرب تنتقل

GMT 06:04 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

سوريا ولبنان وكابوس أحمد جبريل…

GMT 05:59 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

مُدافع «الإنتر» الذي تعلّم الرجولة

GMT 05:57 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

بلزوني: نهاية القصة!... عودة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استسلام إيران… وليس استسلام الحوثيين استسلام إيران… وليس استسلام الحوثيين



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:40 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 05:57 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

بلزوني: نهاية القصة!... عودة أخرى

GMT 13:35 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

هل السلام مستحيل حقّاً؟

GMT 07:13 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

بسمة بوسيل تخوض أولى تجاربها في التمثيل

GMT 13:55 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

سوريا تتجه لفرض قيود على استيراد السيارات

GMT 13:38 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

مصطفى محمد يهاجم مدرب نانت بتصريحات قوية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab