أميركا  إيران ضربتان للإيديولوجيا

أميركا - إيران: ضربتان للإيديولوجيا

أميركا - إيران: ضربتان للإيديولوجيا

 العرب اليوم -

أميركا  إيران ضربتان للإيديولوجيا

حازم صاغية

كائناً ما كان الرأي السياسيّ بـ»اتّفاق الإطار»، فالكثيرون ممّن تناولوه غلّبوا «مبدأ اللذّة» والرغبات على «مبدأ الواقع». فهو، في النهاية، تسويةٌ تلبّي، مثل كلّ تسوية، بعضاً من مصالح الطرفين، لا كلّها. وإذا جاز التلخيص بأنّ أميركا ستضمن، بعد استكمال الاتّفاق، عدم حصول إيران على السلاح الذريّ فيما ستضمن إيران رفع العقوبات، كانت الإيديولوجيا هي الخاسر الأكبر. وهي، باستطالتها الحربيّة، خاسر بمعنيين: قلع الأنياب النوويّة واستبعاد الحرب في العلاقة مع إيران.

وبالمعنى نفسه بدت المصالح هي المستفيد الأوّل. ولئن كان هذا جليّاً في حالة إيران بعد رفع العقوبات وتمتّعها بمنافع الرفع، فهو أيضاً، وبسبب الهجمة المتوقّعة للشركات الغربيّة وللعقود النفطيّة، إقرار بالأولويّة التي تكسبها «اليد الخفيّة» للسوق على حساب المواقف المبدئيّة القصوى.

والحال أنّ الإيديولوجيّين في الطرفين بدوا مربكين قبل التوصّل إلى «اتّفاق الإطار». فالمرشد علي خامنئي سبق له، في آخر ظهور علنيّ، أن ردّد «الموت لأميركا» كما أكّد على أنّ الإيرانيّين يريدون التوصّل إلى تسوية، وهي بالضرورة تسوية مع هذا الكائن الآيل سريعاً إلى الموت! أمّا بعد «الإطار»، فلم يكتف متشدّدو إيران بإبداء التحفّظات، بل ذهب بعضهم إلى أنّ قيادة بلادهم رضخت لـ «الشيطان الأكبر». وفي هذا، كانوا كأنّهم يردّون على قول مؤيّديهم عندنا حيث جزموا بأنّ أميركا «رضخت» لإيران. وقد استعانت صحيفة «كيهان» بالسخرية في نقلها هذه الأجواء إذ كتبت، وهي من ألسنة حال المتشدّدين: «إنّه اتّفاق يكسب فيه الجميع: برنامجنا النوويّ سيزول، والعقوبات ستبقى».

وعلى الجانب الآخر يمثّل الجمهوريّون الأميركيّون، وهم دائماً أكثر إيديولوجيّة من منافسيهم الديموقراطيّين، ما يمثّله المتشدّدون الإيرانيّون. وقد كُتبت حتّى اليوم أطنان المقالات في تفسير موقف باراك أوباما وإدارته، وكان معظمها يكرّر نقطتين لا يملك الجمهوريّون ردّاً عليهما ما خلا الاستنجاد بحجج «العالم القديم»: أنّ تركيز أميركا الاقتصاديّ، وكذلك الاستراتيجيّ، انتقل إلى آسيا والمحيط الهادئ، اللذين صارا الإلدورادو الأميركيّة الراهنة، وأنّ واشنطن لم تعد مستعدّة لأن تتحمّل مجدّداً أكلافاً كالتي تكبّدتها في حرب العراق بسبب الجمهوريّين أنفسهم. وكما هو معروف، كان أصلاً أحد أبرز الأسباب وراء صعود أوباما السياسيّ ومعارضته حروب جورج دبليو بوش.

وقبل سنوات على انتخاب الرئيس الحاليّ كان إدوارد لوتفاك، وهو عالم اجتماع سياسيّ أميركيّ، قد أضاف في تفسيره ظاهرة العداء الأميركيّ المستجدّ للتدخّل والحروب عنصراً ديموغرافيّاً. فمن قبل كانت الأسرة تنجب خمسة أبناء أو ستّة، وهي اليوم تنجب ولدين أو ولداً واحداً. وهذا ما يقود إلى إضعاف القدرة على التجييش وعلى زجّ الأبناء في حروب يتكاثر وصفها بـ»العبثيّة». ثمّ إذا كانت «الشهيّة الاستراتيجيّة» في الماضي شرطاً لاكتساب القوّة الاقتصاديّة، فهذا ما تغيّر بعد تجربتي اليابان وألمانيا اللتين تخلّتا عن القوّة العضليّة فأحرزتا، بدلاً منها، قوّة اقتصاديّة باهرة.

وفي هذا حلّت فلسفة للأمن القوميّ تضع منع تهديد الداخل محلّ المبادرة بتهديد الخارج، بوصفه الأولويّة ومحطّ التركيز. فموجبات الحرب الباردة على نطاق كونيّ غير موجبات الصراع مع أطراف أصوليّة لا يحول تمدّدها الجغرافيّ دون موضعيّتها العسكريّة التي لا تستدعي، في عرف أوباما، أكثر من الضرب جوّاً.

وهذا على عمومه قد يُحدث، في حال استكماله، انفراجات في علاقة الطرفين المعنيّين. لكنّه بالتأكيد لن يقلّل، إن لم يزد، المآسي المتوالية في أمكنة أخرى من العالم لا تزال تحكمها فظاظة دون - إيديولوجيّة.

arabstoday

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:37 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا  إيران ضربتان للإيديولوجيا أميركا  إيران ضربتان للإيديولوجيا



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان
 العرب اليوم - أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي
 العرب اليوم - جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 01:07 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 04:38 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يتسلم جثة رهينة جديد من قطاع غزة

GMT 14:40 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"غوغل" تتطلع للفضاء لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي

GMT 05:52 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

انقطاع الكهرباء في أوكرانيا بعد هجوم روسي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab