بقلم : سليمان جودة
وصل الرئيس ترامب فى موضوع اتفاقات ابراهام للسلام إلى حد الهوس، فلا يكاد يصافح أحداً من الساسة فى العالم حتى يكون قد سارع يدعوه إلى الانضمام لها.
ومن طرائفه فى الموضوع أنه أعلن يوم ٦ من هذا الشهر انضمام كازاخستان إلى الاتفاقات، وكان وجه الطرافة أن كازاخستان تربطها علاقات اقتصادية قوية بإسرائيل، وليست بالتالى فى حاجة إلى الانضمام!
وليس سراً أن اتفاقات ابراهام بدأت فى ٢٠٢٠، وأن ترامب هو الذى بدأها فى تلك السنة الأخيرة من ولايته الرئاسية الأولى، وكان الهدف أن تقوم علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية التى لا علاقات من هذا النوع تربطها بتل أبيب، وكانت الحصيلة أن علاقات قامت بين إسرائيل وأربع دول عربية، فلما غادر ترامب البيت الأبيض آخر ٢٠٢٠ توقف قطار الاتفاقات فى مكانه.
وحين رجع الرئيس الأمريكى أول هذه السنة، عاد يفكر فى دفع القطار إلى محطات أخرى، ومن شدة حماسته للموضوع لم يفرق بين دولة عربية وغير عربية، فأعلن نبأ انضمام كازاخستان الذى أثار السخرية والتندر حول العالم!
وعندما استقبل الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى، فى البيت الأبيض قبل يومين، فإنه راح يفاتحه فى انضمام المملكة، ولكن الرياض كانت قد حسمت أمرها فى الموضوع منذ وقت مبكر، وكانت قد ربطته بوجود مسار واضح لحل الدولتين، وبما يقود إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
ولا بد أن هذا الربط من جانب السعودية يزعج إسرائيل، التى كانت قد بادرت فطلبت من الرئيس الأمريكى ألا يبيع للمملكة طائرات إف ٣٥، إلا فى مقابل التطبيع والانضمام للاتفاقات، ولكن الظاهر أن ترامب لم يستمع إلى الطلب الإسرائيلى، ولا رأى أنه طلب مهم، وكان الدليل أنه قرر بيع ٤٢ طائرة من هذا الطراز للسعودية، وبغير أن يربط البيع بالانضمام لاتفاقات ابراهام للسلام!
ومن خلال تجربة الدول الأربع مع الاتفاقات، يتبين أن تل أبيب لا يهمها فيها إلا الجانب الافتصادى الذى يفيدها، وما عدا ذلك لا تبالى به ولا تسعى فيه. ولو كانت الاتفاقات مع الدول الأربع قد ربطت الاقتصاد بالسلام فعلاً، ما كانت المنطقة قد عرفت طوفان الأقصى الذى قلبها رأساً على عقب. ولكن « لو» تظل كما نعرف تفتح عمل الشيطان، ولا فائدة تُرجى من حديث تكون « لو» هى بدايته، غير أن هذا لا يمنع أن تكون تجربة الدول الأربع أمام كل عين.