بقلم : فاروق جويدة
في تاريخ البشرية أشخاص صنعوا أوطانا وأقاموا حضارات، وأشخاص دمروا أوطانا، والفرق بين الاثنين إنسان حكيم وإنسان طاغية. وما أكثر الحضارات التي انتهت على أيدي الطغاة.. وإذا كانت الحكمة صحوة ضمير فإن الطغيان نفوس مريضة.. وهناك من يزرع الحدائق، وهناك من يسكن الخرائب، وأسوأ الأشياء في الحياة خرائب النفوس لأنها تؤوي كل ما هو كريه.. والطاغية لا يعرف نفسه لأنه يشعر بالمتعة في كل ألوان القبح والإجرام والعدوان على كل ما هو جميل في الحياة.
إنه يكره كل شيء ولا يشعر بقيمة أي شيء.. إنه يصافح وجهه الكئيب كل صباح ولا يشعر بالندم ولا يخاف، لأنه اعتاد على أن يرى كل الأشياء في نفسه.. والطاغية لا يحسب العمر ولا يهمه الزمن، لأنه يلغي كل الأشياء ولا يرى غير ما أحب.. إنه يزهو بنفسه ولا يفكر كثيرا حتى لا يجهد عقله، ويفضل أن يغمض عينيه كلما شاهد كارثة.. إنه لا يرى ضحاياه ولا يشعر بالندم وهو يشاهد الأشلاء حوله.
كل الأشياء الجميلة في الحياة خلقها الله أفسدها الطغاة. ومن وقت لآخر يظهر طاغية جديد ولا تعرف من أين جاء.. إنه يشبه عصابات الشوارع كل متعتها أن تدمر كل ما هو جميل.
وهناك نهايات ثابتة للطغاة، وفي صفحات التاريخ تشاهد هذه الوجوه الكريهة التي أفسدت على الشعوب حياتها وأحلامها وأمنها، وحولتها إلى خرائب بشرية لا فرق بينها وبين حياة الغابات التي تسكنها الوحوش، ويهرب منها البشر. إذا كان الطاغية يحمل ملامح البشر إلا أنه لا يحمل صفاتهم.
وهناك أوطان يحاصرها الخوف والظلم والضلال، وربما قبلت ذلك بعض الوقت، ولكنها سوف تطيح بالطاغية، ويصبح عبرة لكل طغاة العالم. في كل زمان تجد الطاغية الكبير وحوله فريق من الطغاة الصغار، والمصير واحد، يا طغاة العالم، الطاغية الكبير سوف يسقط قريبا ومعه كل الطغاة الصغار.