الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

 العرب اليوم -

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

بقلم: وليد خدوري

أصبح «سلاح» الحظر النفطي خلال الأشهر الأخيرة كأنه الوسيلة الدبلوماسية الوحيدة المتوفرة لدى بعض الدول الكبرى، بالذات الولايات المتحدة، في محاولتها معاقبة دول أخرى لاختلاف السياسات معها.

لقد تبنت الولايات المتحدة سياسة العقوبات النفطية عند احتلال السفارة الأميركية في طهران من «الحرس الثوري» الإيراني في بداية عقد الثمانينات، ومن ثم فرضت عقوبات نفطية متعددة ومستمرة على إيران حتى يومنا هذا. وأضيفت عقوبات نفطية متشددة وأقسى على العراق عند غزوه الكويت في صيف عام 1990 استمر حتى احتلال العراق في عام 2003. وقد أضافت واشنطن عقوبات نفطية على فنزويلا، المتمردة على السياسة الأميركية في القارة اللاتينية، ناهيك بليبيا، خلال حكم القذافي.

يوصف الحظر النفطي الذي فرضته واشنطن على روسيا منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في شباط (فبراير) 2022، بأنه الأضخم من نوعه؛ إذ يشمل هذا الحصار أقطار السوق الأوروبية المشتركة التي كانت تعتمد اعتماداً واسعاً على استيراد الغاز الروسي. كما أن الولايات المتحدة ضغطت بقوة خلال هذا الحظر على كلٍّ من الدولتين الآسيويتين الكبريين -الصين والهند- لوقف شركات التكرير الخاصة فيهما عن استيراد النفط الروسي بحسومات سعرية عالية. ومن الجدير بالذكر أن هذه المصافي الخاصة، بالذات الهندية منها، تعد المصدر الأكبر للمنتجات النفطية لدول جنوب وغرب آسيا. وقد وعد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الرئيس الأميركي ترمب، بوقف استيراد شركات التكرير الهندية النفط الروسي. وبهذا استطاعت الولايات المتحدة مؤخراً إغلاق أسواق ضخمة للنفط الروسي الذي كان يهرب إلى أسواق آسيوية ضخمة بحسومات سعرية عالية.

شملت العقوبات الأميركية ثلاث شركات روسية عملاقة، ونحو 28 فرعاً لشركة «روسنفت»، وستة أفرع لشركة «لوك أويل». ومن المعروف أن الشركات الثلاث تمثل عماد الشركات النفطية الروسية التي تتعامل في الأسواق الدولية. وقد جرى نوع من «الكر والفر» ما بين هذه الشركات الثلاث والمحاولات الأميركية لمراقبة صادرات هذه الشركات خلال السنوات الأخيرة. فقد غيَّرت الشركات الروسية صادراتها من ناقلة إلى أخرى في مياه البحار الدولية، مستعملةً لهذا الغرض ناقلات روسية قديمة مهترئة، ومن ثم دون اهتمام روسي يُذكر بالعقوبات الأميركية المفروضة على الناقلات «المهترئة»، واستطاعت من جانبها شركات المصافي الهندية والصينية، تحقيق أرباح عالية جداً تفوق ما هو ممكن تحقيقه، وذلك بسبب الحسومات السعرية التي حصلت عليها الشركات الآسيوية من الشركات الروسية.

لكن، كما هو معتاد، في حالات ضغوط العقوبات التي تُفرض على الصناعة النفطية، فقد لجأت شركات روسية، بالذات شركة «نوفاتيك» حديثة العهد نسبياً، إلى فتح خطوط صناعية جديدة. إذ بادرت «نوفاتيك» بتصدير الغاز المسال من المشروع القطبي للغاز المسال - 2، وبالذات إلى الصين، حيث يجري تصدير الغاز المسال في ناقلات متخصصة إلى موانٍ صينية (بالذات ميناء «بيهال» الذي تم تجهيزه خصيصاً لتسلم الغاز الروسي القطبي رغم الحظر الأميركي). لكن رغم نجاح استمرار الصادرات الغازيّة الروسية إلى الصين، حتى الآن، فإن السؤال المطروح: هل ستستمر هذه الصادرات للغاز المسال الروسي في عام 2026، لا سيما أن الولايات المتحدة كانت تصدِّر الغاز المسال إلى الأسواق الصينية حتى فترة قريبة، لكنها توقفت عن ذلك نظراً إلى توقف الشركات الصينية عن شرائه؟ ولربما السؤال الأهم هو: هل ستضغط الولايات المتحدة في مفاوضاتها التجارية المقبلة مع الصين لوقف شراء الغاز المسال الروسي واستبدال الغاز المسال الأميركي به؟

لقد فُتحت جبهة تنافس وصراع جديدة بين الولايات المتحدة وروسيا، تتمثل في إمكانية استمرار توسع صناعة الغاز المسال الروسية من القطب الشمالي إلى الصين وأسواق عالمية أخرى. هذا في الوقت الذي تواجه فيه الصادرات الغازية الروسية في الأنابيب إلى الأسواق الأوروبية حواجز عدة تتمثل في العقوبات الأميركية وتوتر العلاقات الأوروبية - الروسية.

يتمثل هذا التغير في ضغوط محتملة على صناعة الغاز الروسية، التي تشكل مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة لموسكو، كما أن تصدير الغاز الطبيعي الروسي في الأنابيب أكثر تيسيراً للبلاد من توسيع صناعة الغاز المسال حديثة العهد، والتي من الصعب زيادة حجمها لمساواة حجم الصادرات الغازية في الأنابيب إلى الأسواق الأوروبية. لقد تم التفاوض والتشييد لشبكة تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا قبل أن يتوفر للولايات المتحدة إمكانية تصدير الغاز، الذي بدأت إمكانية تصديره تتوفر مع الإنتاج الضخم والباهر للبترول الصخري في عام 2014.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تجد روسيا الآن أن أهم شبكة لها لتصدير الغاز بالأنابيب إلى أوروبا مهدَّدة بالتوقف إلى وقت غير محدود، لأسباب جيوسياسية، وبالذات المخاوف الأوروبية المتزايدة من احتمال هجوم روسي آخر على بلد أوروبي محاذٍ للحدود الروسية، بالإضافة إلى الضغوط الأميركية لتغيير ميزان مدفوعاتها مع أقطار السوق الأوروبية المشتركة لصالحها، والطريق الأسهل لتحقيق ذلك هو التركيز على تصدير الغاز المسال إلى أوروبا.

يجري هذا الآن، وفي الوقت الذي تعمل فيه شركة «نوفاتك» الروسية على توسيع طاقتها التصديرية من مشروعها القطبي للغاز المسال - 2، والتصدير إلى الصين بالذات، مع الأخذ بنظر الاعتبار إمكانات الصين الضخمة لاستيراد إمدادات غاز أكثر لاستبداله بإنتاجها المحلي من الفحم الحجري الملوث.

 

arabstoday

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما يطغَى الفُجور في الخصومة

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 07:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 07:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خواطر متحفية في زمن التحدي النووي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
 العرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
 العرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 06:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة
 العرب اليوم - ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 18:44 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري
 العرب اليوم - شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري

GMT 21:24 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 18:09 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بابا الفاتيكان يجدد دعوته لوقف إطلاق النار في السودان

GMT 02:58 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران تواجه خطر نفاد مياه الشرب بسبب "جفاف تاريخي"

GMT 03:04 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعتزم إعادة قطعة أثرية عمرها 3500 عام إلى مصر

GMT 17:38 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيباني يؤكد التزام بلاده بتعزيز السلم الأهلي

GMT 02:39 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعيد التهديد بالتدخل العسكري ضد نيجيريا برًا أو جوًا

GMT 18:51 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الأمريكي يؤكد أن شي جينبينغ يدرك عواقب غزو تايوان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab