بقلم: عبد المنعم سعيد
فى عام 1969، أصدرت عالمة النفس السويسرية «إليزابيث كوبلر» روس كتابها «عن الموت» الذى كان خلاصة أبحاثها من معايشة الذين يخوضون تجربة الوفاة المؤكدة وكيف يتعاملون معها. فى هذا الكتاب رأت أن من يمرون بالتجربة يعيشون خمس مراحل: أولاها الإنكار، بمعنى رفض التشخيص القائل إن ما لديهم من مرض قد وصل إلى المرحلة التى تصبح فيها النهاية واردة. هنا فإن المريض ينكر وجود المرض، وغالبا ما يعزوه إلى خطأ فى التشخيص أو ربما مؤامرة جعلت نتيجة التحليلات الطبية غير سليمة. وثانيتها الغضب، فبعد أن يصبح الإنكار بلا فائدة تعترى الشخص حالة من الرفض الشديد، ويعتبر أن إصابته بالذات فيها نوع من التعنت، وأنه ربما كان يصح أن يصاب آخرون بما أصيب به. وثالثتها المساومة، فبعد الرفض العنيد فإن بعضا من اللين يأتى فى صورة التساؤل، وأحيانا المطالبة بكسب المزيد من الوقت، والتساؤل عما إذا كان ممكنا تجريب أدوية جديدة يعلم تماما أحيانا أنها غير موجودة. ورابعتها الاكتئاب وهى حالة من الاستسلام الغاضب والكاره الذى قد يتضمن الانسحاب عن المجتمع والآخرين فى العموم مع حالة عميقة من الحزن. وخامستها القبول والتسليم بالقدر المحتوم والقضاء النافذ، وفيها بعض من الرضا وانتظار ما هو آت.
هذا النموذج الصالح لتحليل علاقة الإنسان بالموت يصلح تماما لفهم علاقة الأمم بالحياة وعما إذا كانت ذات معنى مثل التقدم، أو أنها ليست ذات معنى فتفضى إلى الانهيار. وفى مسيرة المواجهة بين «المسألة اليهودية» و«القضية الفلسطينية» كان الإنكار والغضب هما القانون العام، بينما المساومة والاكتئاب والتسليم هما العادة، وفى الحالتين يكون الانفجار هو سيد المرحلة. وعندما وصلنا إلى القرن الواحد والعشرين كانت هناك خمس حروب قضت مضاجع إسرائيل وكان التدمير الشامل هو نصيب الفلسطينيين. كان الرئيس السادات هو الذى واجه الموضوع أمام الكنيست الإسرائيلى مقارنا بين معاناة شعبين طوال زمن، والآن فإنه يواجه لحظات فارقة مرة أخرى.