أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، يوم الأربعاء، أمراً ملكياً بتعيين الشيخ صالح الفوزان مفتياً عاماً للمملكة العربية السعودية، ورئيساً لهيئة كبار العلماء، بالإضافة إلى رئاسته العامة للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وذلك بمرتبة وزير. جاء هذا التعيين بناءً على عرض ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في خطوة تؤكد أهمية دور الشيخ الفوزان في المشهد الديني السعودي ومسيرته الطويلة في العلم والفتوى.
يُعتبر الشيخ صالح الفوزان هو رابع مفتٍ عام في تاريخ السعودية، بعد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ الذي شغل المنصب لما يقرب من عشرين عاماً حتى وفاته في 23 سبتمبر الماضي.
ولد الشيخ الفوزان عام 1354 هـ (1935م) في بلدة الشماسية بمنطقة القصيم، في أسرة من الوداعين من عشيرة آل شماس التابعة لقبيلة الدواسر. رغم وفاة والده في صغره، تلقى تعليمه الأولي في حفظ القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة على يد إمام مسجد البلدة، الشيخ حمود بن سليمان التلال، الذي تولى القضاء لاحقاً في بلدة ضرية بالقصيم.
بدأ الشيخ الفوزان تعليمه النظامي في مدرسة الشماسية عام 1369هـ، ثم أكمل المرحلة الابتدائية في المدرسة الفيصلية ببريدة، والتحق بعد ذلك بالمعهد العلمي في بريدة وتخرج منه عام 1377هـ. انتقل بعدها إلى الرياض ليدرس في كلية الشريعة، حيث حصل على شهادة البكالوريوس عام 1381هـ (1961م).
واصل الفوزان تحصيله العلمي بنيل درجة الماجستير في الفقه مع تخصص في علم المواريث، حيث كانت رسالته بعنوان "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية". كما نال درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف في الفقه، وناقش أطروحته حول "أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية" من كلية الشريعة بالرياض.
خلال مسيرته المهنية، عمل الشيخ الفوزان مدرساً في المعهد العلمي بالرياض ثم في كلية الشريعة، وتدرج ليشغل منصب مدير المعهد العالي للقضاء، إضافة إلى عمله كإمام وخطيب في جامع الأمير متعب بن عبد العزيز بالرياض. وكان له حضور بارز في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وعضوية هيئة كبار العلماء، والمجمع الفقهي بمكة المكرمة، ولجنة الإشراف على الدعاة في موسم الحج.
تلقى الشيخ الفوزان العلم على يد كبار العلماء، أبرزهم الشيخ عبد العزيز بن باز الذي كان له تأثير كبير عليه، حيث حضر دروسه ومجالسه العلمية، واستفاد من خبراته في مجالات الفقه والفتوى، لا سيما في تثبيت الأجوبة ومواءمتها مع نصوص الكتاب والسنة.
يُعد منصب المفتي العام أعلى المناصب الدينية في السعودية، إذ يشغل رئيس هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وهو منصب أُنشئ عام 1953 بأمر من الملك عبد العزيز آل سعود. ظل المنصب حكراً على أسرة آل الشيخ – نسبة إلى محمد بن عبد الوهاب – باستثناء فترة تولي الشيخ عبد العزيز بن باز للمنصب بين عامي 1993 و1999. بعد فترة إلغاء مؤقتة للمنصب من 1969 إلى 1994 تحت حكم الملك فيصل، عاد المنصب ليكون محوراً أساسياً في المشهد الديني السعودي.
بهذا التعيين، تستمر المملكة في تعزيز موقعها كمرجعية دينية هامة في العالم الإسلامي، من خلال اختيار قيادات دينية تتمتع بالعلم والخبرة، تجسد عمق التراث الإسلامي في المملكة، وتواكب التحديات المعاصرة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
السعودية تصدر أمرًا ملكيًا بتحويل مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون إلى مؤسسة مستقلة
خادم الحرمين يُوجِّه بتسهيل جميع احتياجات الحجاج الإيرانيين بناءً على ما عرضه ولي العهد
أرسل تعليقك