بقلم : عبد المنعم سعيد
طوبى لصانعى السلام فى مصر، وتحية لقائدهم الذى أدار العملية المعقدة لحرب غزة من أول مواجهة أفكار التهجير التى ألمت بالرئيس ترامب الذى اعتقد أنها مفتاح حل «المسألة اليهودية» و«القضية الفلسطينية» فى آن واحد. المسيرة المصرية منذ 7 أكتوبر 2023 كانت مع مواجهة الصاعقة وتداعياتها، كانت تعلم أنه فى العلاقات الدولية فإن الحروب تتحول إلى فرصة لإقامة السلام. وفى 21 أكتوبر، أى بعد أسبوعين من الهجوم الأخرق كانت مصر تعقد مؤتمرا دوليا للسلام؛ ووقتها كان العالم على غضب من هؤلاء العرب الإرهابيين الذين يقضون اضطجاع الدنيا مرة أخرى. تسع دول عربية فى المؤتمر - دول الخليج الست ومصر والأردن والمغرب - أصدرت بيانا للسير فى طريق السلام عبر مراحل ثلاث أوضحها البيان. هذه المراحل باتت الإطار العام الذى يُقترح السير فيه؛ وهو الذى تبنته إدارة الرئيس بايدن، وبالمقارنة فإنه هو أيضا الذى سارت فيه مبادرة ترامب التى وصلت إلى ذروتها بوقف القتال ووضع إطار لإنهاء الحرب وحل القضية الفلسطينية وفق حل الدولتين.
المعضلة الحالية أن الرئيس ترامب له أولا شخصية فريدة فى إدارة أحداث جسام ثم الخروج منها إلى أزمات أخرى. وثانيا أنه سريع الانتقال من قضية إلى أخرى وهذه المرة فإن العودة إلى ملف أوكرانيا بات ملحا؛ كما أن الملف الجديد فى حرب فنزويلا التى دخلتها القوات الأمريكية بضرب قوارب المخدرات القادمة من أمريكا الجنوبية تفتح جبهة لم تطرقها واشنطن منذ قرون. وثالثا أن حامل قلادة النيل الآن لديه الداخل الأمريكى وقد ارتجت أحواله نتيجة إغلاق الحكومة الفيدرالية وما يترتب عليه من نتائج خارجية وداخلية. القائمة هنا طويلة، وإعادة اهتمام الأمريكى لواقع الشرق الأوسط يستعيد المهارة المصرية فى فك ألغاز مصيرية. النظرية هنا ببساطة تقوم على أن «التفاصيل» الكثيرة للمبادرة «الترامبية» تحتاج إلى الكثير من العمل الذى يتوقع من الدبلوماسية المصرية وشركائها العرب الإمساك بتلابيب اللحظة قبل أن تضيع.