بقلم - أسامة الرنتيسي
الأول نيوز – تابعت السبت جلسة افتتاح ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال وجلسات أخرى موازية للحديث عن الذكاء الاصطناعي والصحافة الورقية وسلامة الصحافيين نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين ويستمر اليوم الأحد بحضور كثيف من المشاركين في الحديث (98 أعلاميا وخبيرا) بعدد جلسات وصل إلى 32 جلسة وحضور نحو ألف مشارك.
الملحوظة الانطباعية السريعة عما يدور في الملتقى أن هناك حالة توهان عند المشتغلين في الإعلام، وسيطرة الإعلام الحديث بكل تفاصيله، بحيث ترى أكثر الحضور لا يتركون هواتفهم في أثناء الندوات والمداخلات ويتابعون كل جديد في السوشيال ميديا التي أصبحت مسيطرة على مناحي الحياة كلها.
طبعا للسوشيال ميديا ضريبة كبيرة ندفعها يوميا، فمن يتابع أي حدث يقفز تريند في الأردن، ويقرأ مستوى التعليقات والمتابعات له، يشعر بغثيان يكاد يخنق النفس، ويُكفّر المرء بكل القيم والحريات.
أخطر ما في الإعلام، ليس إن كان موجهًا، أم يحمل أجندة خاصة، أم أيدولوجيا، أم ناطقًا بلسان دولة ما، أم حزبًا، أم تجارة.
أخطر ما في الإعلام إذا هبطت لغته، وبدأ استخدام لغة سوقية، اتهامية، فضائحية، تثير الغرائز، وتغتال الشخصيات.
على شاشات بعض الفضائيات تم تدمير مفهوم الحوار، وأخذ بعض المحاورين ضيوفهم إلى مساحات أخرى ليست لها علاقة في اختلاف وجهات النظر، او التمترس وراء رأي معين، إلى لغة الاتهام والتخوين، للوصول إلى مشاجرات بين الضيفين على الهواء مباشرة.
شاهدنا ضيوفًا على شاشات فضائيات عربية ومحلية، يتشاجرون بالكلمات النابية، إلى أن تصل الحال إلى الضرب بالأيدي، وقلب الطاولات.
كل ما يجري في وسائل الإعلام يحتاج إلى تحكيم منظومة الأخلاق، وإلى تفعيل ميثاق الشرف الصحافي والإعلامي في الأقل لحماية المستمعين من لغة هابطة، فضائحية، سوقية بدأت تغزو بعض الفضائيات.
صحيح أن لا أحد يشتري الاتهامات الباطلة من دون أدلة، إلّا أن بعض ما ينشر في وسائل إعلام ومواقع إلكترونية يغث البال، وليس بالسهولة أن تشطب معلومات علقت بعقل قارئ.
في أثناء العمل في صحيفة “العرب اليوم” المَوؤودة، تعرضنا إلى موجة كبيرة من الاتهامات الباطلة، نقلها موقع إلكتروني عربي بائس، منذ سنوات لا تزال هذه المعلومات مطروحة، وقد يسألك أحد ما عن صحتها إلى هذا اليوم.
خطورة الإعلام يعرفها أكثر المشتغلين في الإعلام، وبات الآن يعرفها كل سياسي يرغب في حماية مشروعه والدفع به إلى الأمام.
نعترف أن أكثر من يحتاج إلى حماية الآن هو المجتمع من بطش بعض وسائل الإعلام، ومن خطورة اللغة الطائفية التي باتت تغزو محطات خطيرة، تُفَسّخ المجتمعات، وتبث رسائل إعلامية بلغة حاقدة لم نسمعها في السنوات الماضية.
الدايم الله…