بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
تجاوز ما حدث ويحدث فى قطاع غزة جرائم الإبادة الجماعية المنصوص عليها فى اتفاقية منع هذه الإبادة والمعاقبة عليها والتى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع فى 9 ديسمبر 1948 خلال دورتها الثالثة فى إطار قرارها رقم 260، ودخلت حيز التنفيذ فى 12 يناير 1951. لا تحيط نصوص هذه الاتفاقية بكل الجرائم التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلية فى قطاع غزة منذ حوالى عامين.
فالحاصل فى هذا القطاع إبادة شاملة لا تقتصر على البشر الذين أُصدرت الاتفاقية لحمايتهم من جرائم الإبادة الجماعية ومعاقبة من يرتكبها ويشارك فيها ويُحرَّض عليها. تقوم قوات الاحتلال بإبادة شاملة للقطاع لا تقتصر على البشر الذين يُقتلون ويُصابون ويُجوعون، بل تشمل كل أشكال الحياة فيه. تشمل الإبادة المنازل التى تُدمر بشكل مخطط وممنهج، والحيوانات والطيور والأشجار وغيرها .. تشمل كل شىء على أرض غزة.
لم يحدث من قبل أن دُمرت منطقة كاملة عن سابق إصرار وبقصد جعلها غير قابلة للحياة. وهذا يتجاوز نصوص الاتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. فهذه الاتفاقية تُعنى بإبادة الأشخاص فقط، وتركز على الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلى أو الجزئى لجماعة قومية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه. وهى تشمل قتل أعضاء فى الجماعة، وإلحاق أذى بدنى أو معنوى خطير بهم، وإخضاعهم عمدًا لظروف معيشية يراد منها تدميرهم المادى كليًا أو جزئيًا، وكذلك قتل أطفال عنوة من جماعة إلى أخرى.
وتتضمن العقوبات المنصوص عليها فى الاتفاقية القائمين بالإبادة الجماعية, والمتآمرين لارتكابها, والمحرضين عليها تحريضًا مباشرًا وعلنيًا, والمشاركين فيها. كما تنص على محاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب هذه الجرائم أمام محاكم مختصة فى الدول التى ارتُكبت فيها أو أمام محكمة جزائية دولية. ويُفترض حسب الاتفاقية أن تلتزم الدول الموقعة عليها بطلبات تسليم المتهمين فى جرائم الإبادة الجماعية.
وإذ تعجز الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية عن تنفيذ حرف واحد فى هذه الاتفاقية، فلا جدوى من طلب تعديلها لتشمل جرائم الإبادة الشاملة وليست إبادة الأفراد والجماعات فقط.