بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
تذهب وفود إسرائيلية إلى القاهرة والدوحة للمشاركة فى مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار. وفود لا تملك من أمر نفسها ولا القضايا التى تتفاوض عليها شيئًا, وليس لديها تفويض لاتخاذ أى قرار, وعليها أن تعود إلى من أرسلها فى كل صغيرة وكبيرة. تكرر هذا المشهد مرات صارت عصية على أن تُحصي. وفى كل مرة وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، لأن نمط التفاوض الإسرائيلى ثابت لا يتغير. خلاصة هذا النمط بسيطة جدًا : «أعطونا الأسرى المحتجزين لديكم مقابل أسرى فلسطينيين دون إعلان وقف الحرب».
تريد حكومة نيتانياهو الحصول على الأسرى تباعًا لتتفرغ لإكمال الإبادة وقد تحررت من الإزعاج الذى تُسّببه لها عائلاتهم والمتضامنون معهم. لسان حال نيتانياهو يقول: «أعطونا الأسرى لكى نواصل إبادتكم بلا إزعاج».
ليس لدى المتحكمين فى هذه الحكومة أى استعداد للتوصل إلى اتفاق إلا على نمط ما حدث فى نوفمبر 2023 ويناير 2025. هذا هو نموذج الاتفاقات التى يريدونها ويستطيعون مواصلة الإبادة بعد انتهاء مدتها. تبادل أسرى إسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين مع إدخال المساعدات وتهدئة أو وقف إطلاق نار لبضعة أسابيع ثم العودة لإكمال الإبادة.
لم يبق لدى المقاومة الفلسطينية سوى 59 أسيرًا أكثر من نصفهم أموات. وتريد حكومة نيتانياهو استعادتهم للتخلص من الصداع الناتج من التظاهرات التى يطالب المشاركون فيها بإعادتهم بأى ثمن.
الإبادة دون إزعاج هى ما سعت إليه حكومة نيتانياهو منذ أكثر من عام ونصف العام، ومازالت تبغيه. وقد تكفلت الولايات المتحدة بمنع أى إزعاج دولى حقيقى لها عبر تعطيل القانون الدولي، وشل منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها, وإساءة استخدام مفهوم حق الدفاع عن النفس، واستعماله فى غير موضعه.
وعندما فشلت فى منع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار قرار توقيف اثنين من أكبر مجرمى الحرب الإسرائيليين هاجمتها واشنطن وسعت لأن يكون هذا القرار مصدر إزعاج لها وليس للكيان الإسرائيلي.
وهكذا يواصل الكيان الإسرائيلى حربه الإبادية بلا إزعاج تقريبًا، أو بأقل القليل منه على النحو الذى بدأ فى الظهور فى الأيام الماضية.