بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
يتوسع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب كل يوم فى استخدام صلاحياته التنفيذية بطريقة أحادية. فكبار موظفى إدارته مختارون بعناية لتكون أصواتهم صدى لصوته. أما الكونجرس فالأغلبية الجمهورية فيه تُعطل دوره فى مراقبة السلطة التنفيذية، خاصة فى ظل استمرار ارتباك معارضيها الديمقراطيين منذ انتخابات الرئاسة الأخيرة. فالكونجرس غائب تقريبًا عن المشهد السياسى منذ يناير الماضى. ولذا تتركز مشكلة ترامب فى القضاء الذى أبطل قرارات عدة أصدرها. فلقد أصبح القضاء هو الحارس الوحيد لما بقى من ديمقراطية فى الولايات المتحدة، ويعتمد ترامب فى معاركه القضائية المستمرة على المحكمة العليا التى يمثل القضاة ذوو الميول المحافظة أغلبية فيها الآن. فقد سعى ترامب فى فترة رئاسته الأولى (يناير 2016 – يناير 2021) إلى ضمان هذه الأغلبية، واستغل تقاعد قضاة ليبراليين لتعيين آخرين محافظين فى هذه المحكمة. فعندما استقال القاضى أنطون كيندى عين بدلاً منه بريت كافانو فى يوليو 2018 مرجحًا بذلك كفة القضاة الذين يميلون إلى الاتجاه المحافظ. وعندما توفيت القاضية روث جينسبورج، التى كانت توصف بأنها عميدة الاتجاه الليبرالى فى المحكمة الاتحادية العليا، قام بتعيين القاضية التى تميل إلى الاتجاه المحافظ إيمي كونتي محلها، الأمر الذى أثار فى حينه جدلاً واسعًا لأن هذا التعيين حدث فى آخر سبتمبر 2020 أى عشية الانتخابات الرئاسية التى أحريت فى 3 نوفمبر من العام نفسه، بل فى بداية تلك الانتخابات لأن التصويت بواسطة البريد يبدأ فى أول أكتوبر. ومع ذلك لا يستطيع ترامب التعويل على الأغلبية ذات الاتجاه المحافظ فى المحكمة الاتحادية العليا طول الوقت. فثمة حدود للتسييس يصعب تجاوزها فى بعض القرارات والأحكام القضائية. وكان هذا واضحًا عندما سعى ترامب إلى تغيير نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2020 فى بعض الولايات. فقد شارك القضاة الذين يميلون للاتجاه المحافظ زملاءهم فى رفض الدعاوى القضائية التى رفعها فريقه القانونى للطعن فى نتيجة الاقتراع فى الولايات التى سعى إلى تغيير هذه النتيجة فيها. وسنرى كيف ستتعامل المحكمة الاتحادية العليا فى الفترة المقبلة مع القضايا التى تصل إليها وكيف ستفصل فيها.