بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
التزمت فصائل المقاومة الفلسطينية بما تتضمنه خطة ترامب يشأن إعادة الأسرى الإسرائيليين الأحياء منهم والأموات. ونفذت التزامها كاملاً وسريعًا بشأن الأسرى الأحياء الذين حافظت على حياتهم فى ظروف بالغة الصعوبة، وحمتهم من قنابل قوات الاحتلال وقذائفها ونيرانها المتوحشة. ولكن كان واضحًا، خلال المفاوضات التى أُجريت حول خطة ترامب، عدم توافر معلومات كاملة عن بعض جثث الأسرى، خاصةً فى المناطق التى دكَّها جيش الاحتلال دكًا أكثر من مرة.
وواضح أيضًا منذ اليوم الأول لتنفيذ الاتفاق أن «حماس» تبذل أقصى جهد ممكن للعثور على جثث أسرى الاحتلال. وسلَّمت بالفعل أكثر من نصفها خلال المهلة التى حددها الرئيس الأمريكى ترامب بشكل تعسفى. ولكنها واجهت، ومازالت، صعوبات فى سعيها للعثور على بعض الجثث التى دُفنت تحت أنقاض مبان دمَّرها جيش الاحتلال على رءوس من كانوا فيها.
وبدلاً من أن تتوجه حكومة الاحتلال بالشكر على هذا الجهد، جعلت التأخر فى العثور على الجثث الباقية ذريعة للتمادى فى خرق وقف إطلاق النار. وهذا هو الفُجر بعينه وفى أحد أوضح صوره لأن جيش الاحتلال هو المسئول الأول عن اختفاء بعض الجثث تحت أنقاض مبان قصفها دون تمييز رغم علم قيادته بأن هذا القصف قد يطول أسرى أحياء أو أموات.
وهو مسئول ثانيًا عن تأخر العثور على بعض الجثث لأنه لا يسمح إلا قليلاً بإدخال المعدات الثقيلة اللازمة لتسريع عمليات البحث عنها، بدلا من أن يكون هو المبادر بذلك. فالمفترض منطقيًا أن تساعد حكومة الاحتلال فى عمليات البحث عن الجثث لا أن تعوقها. ولكن استعادة هذه الجثث ليست هى ما يعنيها فى المقام الأول، وإلا ما عرقلت التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار على مدى شهور طويلة. فما البكاء على الجثث المفقودة إلا ذريعة لمواصلة الاعتداء على قطاع غزة وأهله، وإن بوتائر أقل من ذى قبل بسبب حرص الرئيس الأمريكى ترامب على عدم انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل. فيا له من فُجٍر تُضرب به الأمثال.