بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
عندما نشر الروائى الأمريكى الكبير أرنست هيمنجواى روايته البديعة «لمن تُقرع الأجراس» عام 1940 كانت الحرب الأهلية الإسبانية التى تناولها فى هذه الرواية قد وضعت أوزارها. وما كان له أن يكتبها وينشرها قبل ذلك لأنه استقى فكرتها وسياقها وبناءها الدرامى من مشاركته الفعلية فى الحرب إلى جانب الجمهوريين وضد قوات الجنرال فرانشيسكو فرانكو التى كانت توصف بأنها فاشية.
ولو أن كاتبًا عربيًا أراد أن يستلهم عنوان تلك الرواية فى عملٍ إبداعى عن بعض الأوضاع الراهنة فيحسن أن يكون فى هذا العمل تحذيرُ من نشوب حرب أهلية فى بلدان عربية يراد تمزيقها، خاصةً لبنان. وعندئذ يكون كاتب الرواية التى نحتاج إليها اليوم هو من يقرع الأجراس تنبيهًا إلى خطورة الوضع فى لبنان، واستباقًا لحرب قد تأخذه إلى هاوية سحيقة إن اندلعت لا سمح الله.
تتعرض سلطة الدولة فى لبنان لضغوط أمريكية متزايدة لسحب سلاح حزب الله دون مراعاة التركيبة الطائفية-السياسية المعقدة. ينفش المبعوث الأمريكى توم باراك ريشه وهو يطلب من رئاسة الدولة والحكومة جدولا زمنيًا لتسليم هذا السلاح قبل نهاية العام الحالى. ولحسن الحظ أن الرئيس ورئيس الوزراء يدركان أن موضوع سلاح حزب الله يحتاج إلى حكمة فى التعامل معه تجنبًا لمغامرة قد تُفجَّر حربًا أهلية. فالوضع صعب بالنسبة إلى سلطة الدولة اللبنانية، كما إلى حزب الله، الذى تفيد المعطيات أن قيادته الحالية لا تملك القدرة على إلزام وحداته كلها بتسليم السلاح حتى إن قبلت ذلك.
فالأمين العام الحالى الشيخ نعيم قاسم لا يحظى بالمكانة التى كانت للراحل حسن نصر الله. وبافتراض أنه وافق على تسليم السلاح قد لا يتمكن من إقناع وحدات الحزب كلها بذلك. الوضع، إذن، بالغ الصعوبة خاصة فى ظل التلويح من وقت إلى آخر بعدوان إسرائيلى جديد إذا لم يُسحب سلاح حزب الله.
ولذا يتعين البدء فورًا فى مفاوضات لبنانية داخلية حول إمكان دمج وحدات الجناح العسكرى للحزب فى الجيش اللبنانى، أو أى حل آخر يقى البلاد خطرًا آخذًا فى ازدياد كل يوم.