بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
تعربد الطائرات الحربية الإسرائيلية فى سماء المنطقة. تُطلق صواريخ وقنابل تدمر وتقتل وتغتال، وتمزق قواعد القانون الدولى كما لم يحدث منذ أن وُجد هذا القانون. قصفت القوات الإسرائيلية بأشكال ودرجات مختلفة فى الفترة الماضية ستة بلدان عربية. فلسطين طبعًا فى البدء، ولبنان، وسوريا، واليمن، وقطر إلى جانب قصف مركبين تابعين لأسطول الصمود كانا راسيين فى مياه تونس الإقليمية استعدادًا للإبحار إلى سواحل قطاع غزة. وإذا أضفنا إلى ذلك إيران يصبح العدد سبعًا فى منطقة الشرق الأوسط. يعتقد البعض أن هذا دليل على أن الكيان الإسرائيلى بات يهيمن على هذه المنطقة. يذهب بعض هؤلاء إلى مدى أبعد فيتحدثون أو يكتبون عما يسمونه أو يظنون أنه عصر الهيمنة الإسرائيلية. وهذا اعتقاد فى غير محله. فمن يهيمن على منطقة لا يحتاج لأن يفعل هذا كله، ويُعرّض نفسه لعُزلة دولية ويدمر بقواته وأسلحته صورة اجتهد فى رسمها على مدى عقود طويلة. القوة المهيمنة على غيرها تستطيع أن تحصل على ما تريد دون اللجوء إلى كل هذه الاعتداءات. وهذا هو المقصود من مفهوم الهيمنة الذى يعنى مزيجًا من القيادة والنفوذ والسطوة التى تدفع الآخرين إلى أن يحسبوا حساب خطواتهم عندما تتعلق بالطرف المهيمن. كما ينطوى مفهوم الهيمنة على نوع من التسليم أو القبول من جانب المُهيمن عليهم بانتظار معطيات جديدة تغير الأوضاع التى تضطرهم إلى ذلك. لا تحتاج القوة المهيمنة إلى الضرب طول الوقت لكى تحقق مصالحها. فالمُهيمَن عليهم يأخذ من هذه المصالح فى الحسبان، أو يراعونها من تلقاء أنفسهم. ولا يحدث مثل هذا فى الشرق الأوسط الآن، وليس هناك ما يدل على أنه سيحصل، ولا توجد بالتالى هيمنة إسرائيلية. غاية القول إن الكيان الإسرائيلى يحاول تحقيق هذه الهيمنة باستخدام القوة الخشنة العارية من أى غطاء قانونى أو أخلاقى، بعد أن فشلت محاولات سابقة لتحقيقها بواسطة القوة الناعمة ومزاعم التعاون الإقليمى. وستفشل المحاولة الحالية، مثلما أخفقت سابقتها، لأن دول المنطقة لا تقبل هيمنة إسرائيلية أيًا كان طابعها.