بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
ليس العجز عن إلحاق هزيمة عسكرية حاسمة على المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة هو المظهر الوحيد الذى يتجلى فيه ضعف الكيان الإسرائيلى، رغم القدرات الهائلة التى يملكها والمساندة الغربية غير المحدودة والدعم الأمريكى الكامل. يتحدث نيتانياهو، وقادة صهاينة آخرون، منذ شهور طويلة عن «نصر مطلق» لا يجدون إليه سبيلاً. ومازالت المقاومة قادرة على إلحاق خسائر كبيرة بقوات الاحتلال رغم الظروف المأساوية التى تحيطها. وتجلى ضعف الكيان الإسرائيلى أيضًا فى عدوانه على إيران، إذ عجز لوحده عن تحقيق الأهداف التى سعى إليها، واستنجد بحليفه الأمريكى الذى تدخل لقصف ثلاث منشآت نووية رئيسية. كيان مدجج بأحدث التقنيات العسكرية والاستخباراتية يحتاج إلى دعم أمريكى، سواء لإمداده بالقذائف عبر جسر جوى مستمر منذ أكثر من 20 شهرًا، أو للتدخل العسكرى المباشر ضد إيران. كما أظهر العدوان على إيران نقطة الضعف الأساسية التى يعانيها الكيان الإسرائيلى، وهى عجزه عن خوض حرب استنزاف مع دولة لا تملك ما تحاربه به إلا صواريخ تُطلق من بعد. أجبرت هذه الصواريخ سكان الكيان الإسرائيلى على البقاء فى الملاجئ والأماكن المحصنة ساعات طويلة كل يوم. لم يتوقف دوى صفارات الإنذار فى مختلف أنحاء هذا الكيان طول 12 يومًا توقفت فيها الحياة بشكل شبه كامل، فما بالنا لو كان لدى إيران طائرات عسكرية تشن غارات عليه من قرب، أو نظم دفاع جوى تستطيع إسقاط الطائرات التى عربدت فى سمائها دون معيق. وصل عدد كبير من الصواريخ الإيرانية إلى أهدافها، مما أدى إلى خسائر إسرائيلية كبيرة، رغم وجود أربعة نظم متقدمة وبالغة التقدم للدفاع الجوى (باتريوت وأرو والقبة الحديدية وثاد). ومن المفارقات التى يتجلى فيها الضعف الإسرائيلى أن إيران المحاصرة بعقوبات تثقل كاهل أكبر الدول تمكنت من مجاراة الكيان الإسرائيلى، وبدت أكثر قدرة على خوض حرب استنزاف طويلة. ولكنها قد لا تكون مفارقة، لأن المقاومة الفلسطينية المفروض عليها حصار أقوى وأشد مازالت قادرة على الصمود ومواصلة القتال بعد أكثر من 20 شهرًا من الإبادة الشاملة والقتل والتدمير والتجويع.