كل ما كان منفى يعتذر إلى كل ما لم يكن منفى

"كل ما كان منفى يعتذر إلى كل ما لم يكن منفى"

"كل ما كان منفى يعتذر إلى كل ما لم يكن منفى"

 العرب اليوم -

كل ما كان منفى يعتذر إلى كل ما لم يكن منفى

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

تدور سجالات المفاضلة بين ما قبل وما بعد أوسلو. لَمَّا تحتدّ أقول لأحد فريق السجال: في زمن الدولة قد نحنّ إلى زمن السلطة، كما كنا نحنّ في زمن السلطة إلى زمن المنظمة.. وفي زمن الثورة كان من يحنّ إلى زمن العمل الفدائي "السرّي"!

تحت عنوان: "أهلاً وسهلاً إلى نادي الـ 22 دولة" سخر عودة بشارات في صحيفة "هآرتس" من التطبيع الخليجي ـ الإسرائيلي، بقوله: "يتبيّن الآن أن الدول العربية مفتوحة أمام إسرائيل، بأكثر مما هي مفتوحة أمام الفلسطينيين.. وبعد ذلك يقولون (في إسرائيل): لديكم 22 دولة"!

ليس لنا، بعد، دولة.. فماذا لدينا الآن، ولم يكن لدينا قبل أوسلو؟ مثلاً، من عام النكبة حتى أوائل السبعينيات من القرن المنصرم، لم يكن أبو خريستو، اللاجئ في سورية من يافا، يستطيع أن يزور أقرباءه في لبنان. له من العمر (55 سنة)، وعلى الحدود السورية ـ اللبنانية كانوا يغمزون من قناته: "ما شاء الله.. فدائي!" فهو كان يجتاز الحدود "بجواز مرور" عبارة عن "هوية فدائية" من إحدى الفصائل!.. ومن قبل لا زيارات ولا زيجات!

كانت بيروت بمثابة نوع من "مرفأ" برّي لشتات الشعب الفلسطيني، ومن قبل كان الوجود الفدائي في الأردن نوعاً من "المرفأ" للشباب الفلسطيني.. وبعد خروج العام 1982 صارت تونس نوعاً من "مرفأ" لزيارة (م.ت.ف).

في "نكسة" الاحتلال، كانت هناك "نعمة" يتيمة، هي حرية التنقل بين غزة والضفة، كما بينهما وبين الناس الفلسطينيين في إسرائيل.

بين العامين 1983 – 1994 كنّا صحافيين في قبرص، وهي كانت بمثابة "مرسى" صغير التقينا فيها، للمرة الأولى، بشخصيات فلسطينية مثل إميل حبيبي وسواه.. وبعد هذه الأوسلو التقيناه وسواه في غزة ورام الله.. وحيفا بالطبع.

باختصار، بعد أوسلو صارت فلسطين هي مركز العمل الفلسطيني على كل صعيد، بعدما كان المنفى هو المركز في الأردن ولبنان وتونس.. أي من الشتات إلى أرض البلاد.

لماذا هذا العرض الموجز؟ قرأت أن فنادق الضفة تحظى، للمرة الأولى، بنسبة إشغال الغرف 100% وخاصة في مدينتي بيت لحم وأريحا.. حتى مطلع العام الجديد.

قسم أعظم من هؤلاء هم سُوّاح أجانب وعرب، لكن قسماً آخر هم من فلسطينيي الشتات الذين يحملون جوازات سفر أجنبية.. وهم لا يزورون المنظمة أو السلطة على مدار العام، بل يزورون البلاد، يقيمون في أراضي السلطة، خاصة رام الله، ويزورون مسقط رأسهم في إسرائيل.

لمّا كان "مركز" العمل الفلسطيني في لبنان، قبل الحرب الأهلية بخاصة، كان اللبنانيون يقولون: "هنيئاً لمن له مرقد عنزة في لبنان". بعد أن صارت رام الله هي العاصمة "الإدارية للسلطة، غدت بمثابة "مرفأ" برّي ثالث ليس للفلسطينيين في الضفة فحسب، ولا للفلسطينيين في إسرائيل، بل لزوّار البلاد من فلسطينيي الشتات بجوازات سفرهم الأجنبية.. وفيها نلتقي بكوادر ومناضلين كانوا في الثورة والمنظمة وكنا نعرفهم في مرحلتي الوجود المنظماتي بلبنان وتونس.

يمكن أن تكون مدن مثل: الخليل، نابلس، بيت لحم "عواصم" صغيرة للنشاطات الصناعية والتجارية والسياحية.. لكن رام الله هي العاصمة الإدارية للسلطة، وأيضاً العاصمة الثقافية.

بعد سوق الحرجة الشعبي السنوي للمشغولات والمأكولات البيتية، كان هناك مهرجان للأفلام السينمائية، وتلاه مهرجان أول للمسرح، وللفرق المسرحية الفلسطينية من مختلف المدن الفلسطينية على جانبي "الخط الأخضر". لاحظتُ أن المقاعد كانت ملأى سواء في قصر رام الله الثقافي، أو المسرح البلدي.

قبل "مرفأ" رام الله البرّي، كان الشاعران محمود درويش وسميح القاسم يتبادلان الرسائل على صفحات مجلة عربية تحت عنوان "شطرا البرتقالة" عن زمالتهما القديمة، ورؤاهما للمنفى وللوطن.

على رغم موقفه النقدي لاتفاقية أوسلو، عاد درويش إلى "مرفأ" رام الله، والتقى أُمّه حوريّة في قرية الجديدة، ثم وقف على صهوة الكرمل وقال: "كل ما كان منفى يعتذر إلى كل من لم يكن منفى"!

كان الشاعر عاشق بيروت وباريس قد "غمز" من قناة رام الله، التي "تنمو على عَجَل"، ثم استقرّ في مثواه الأخير على تلّة من تلالها، كما استقرّ القائد المؤسّس في ضريح ومتحف في "المقاطعة" خندقه الأخير.

تقول إسرائيل إن حال الفلسطينيين فيها أسعد من حالهم في مناطق السلطة، وحالهم في مناطق السلطة أسعد من حال الفلسطينيين في الشتات العربي.. وحتى من حال المواطنين العرب في الدول العربية.. باستثناء دول الخليج!

حسب إحصائيات اقتصادية، ساقها رئيس حكومة السلطة مؤخّراً، فإن نسبة البطالة في مدينة رام الله هي 4% مقابل 14% في باقي الضفة. وهذا لأن المدينة "تنمو على عَجَل" في ورشة بناء لـ40 ألف شقة فارغة.. "مرفأ" يكبر!

.. و"هنيئاً لمن له مرقد عنزة" في رام الله، التي هي "المرفأ" البرّي الثالث للشعب الفلسطيني!

نقلا عن الأيام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

GMT 06:49 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

كــلام طيــش

GMT 04:17 2021 الأربعاء ,25 آب / أغسطس

.. لكن أفغانستان «قلب آسيا»!

GMT 06:46 2021 الأحد ,22 آب / أغسطس

الـقـبـر ظـلّ .. فـارغــاً

GMT 07:47 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

إشارة شطب (X) على أخمص البندقية؟

GMT 16:41 2021 الأحد ,11 إبريل / نيسان

ثلاث حنّونات حمراوات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كل ما كان منفى يعتذر إلى كل ما لم يكن منفى كل ما كان منفى يعتذر إلى كل ما لم يكن منفى



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة
 العرب اليوم - عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 11:25 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الطاولات في حفلات الزفاف لمسات بسيطة تصنع فخامة المشهد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab