«إيه في أمل» مرة أخرى

«إيه في أمل»... مرة أخرى

«إيه في أمل»... مرة أخرى

 العرب اليوم -

«إيه في أمل» مرة أخرى

بقلم : حنا صالح

صار بالإمكان تسمية الحكومة اللبنانية التي يرأسها دكتور نواف سلام الحكومة السيادية الأولى بتاريخ لبنان منذ عام 1969؛ عام التنازل عن السيادة تطبيقاً لـ«اتفاق القاهرة». إنها الحكومة الأولى منذ 56 سنة تتجرأ على اتخاذ قرار تاريخي: حصر السلاح في الدولة، وبسط السيادة بقوى الشرعية؛ فتطوى وصاية سلاح «حزب الله» على لبنان، وتنهض الدولة القوية القادرة التي تحمي كل أبنائها... ويتقرر منحى إعادة بناء قدرات المؤسسة العسكرية لإرساء الأساس للدفاع عن البلد وتأمين الأمن المستدام للبنانيين.

في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1969، أُقِرَّ «اتفاق القاهرة»، وبموجبه تخلَّى لبنان عن سيادته عندما منح «منظمة التحرير» الحق بإقامة قواعد عسكرية لها، في العرقوب والقطاعين الشرقي والأوسط، وممارسة العمل السياسي المستقل من المخيمات الفلسطينية. ولئن أُلغيَ «اتفاق القاهرة» أواخر مايو (أيار) 1987، فإن الإلغاء لم يتناول مطلقاً سيادة الدولة بقواها الذاتية. كان لبنان يومها تحت هيمنة جيش النظام السوري البائد، الذي رعى صعود ميليشيا «حزب الله»، بعدما كان «الحزب» قد تأسس عام 1984 كذراعٍ عسكرية لتدخلات خارجية.

ما بعد «اتفاق الطائف» والتعديلات الدستورية، منعت الهيمنة السورية في عام 1990 نزع سلاح «حزب الله» بذريعة أنه «مقاومة». ومن تاريخه تعايشت الحكومات مع السلاح اللاشرعي، وتساكنت القوى السياسية مع «الحزب» في حكومات أُسميت «وحدة وطنية» كانت حتى «انتفاضة الاستقلال» في عام 2005 تركيبات ينجزها الضابط السوري المقيم في عنجر ممثلاً لرأس النظام السوري. ولافت أن «حزب الله» كقوة أمرٍ واقعٍ تغولت على الدولة، حلّ في الموقع الذي كانت تشغله دمشق قبل إخراج جيشها في أبريل (نيسان) 2005، علماً أنه منذ التحرير في عام 2000 فقد سلاح «الحزب» صفة المقاوم، وتحول إلى سلاح فتنة واغتيالات هدفت إلى تصحير البلد من قامات كبيرة. وأورث «حزب الله» للبنانيين، كجزءٍ من «فيلق القدس»، عداوات مع الشعب السوري كما اليمني والعراقي!

وعلى مدى آخر 25 سنة فرض «حزب الله» معادلة خطرة، قامت على تخوين وشيطنة كل من رفض تأييده أو اختلف معه. فحيال أي رأي رافض للسلاح المذهبي، كانت الجيوش الإلكترونية حاضرة للترهيب والتخوين، وإطلاق تهم العمالة، وهدر الدم. ودماء المعارض الشجاع لقمان سليم لم تجفَّ بعدُ. ولأن «الحزب» ممسك بمفاصل السلطة، سخَّر القضاء لخدمته، كما تم إلزام الحكومات بدعاً تمحورت حول تمكين الدويلة، وترسيخ الاقتصاد الموازي، والدفع لإحداث تغيير في التعليم والفنون والموسيقى والغناء... وصولاً إلى فرض «الثلث المعطِّل»؛ أي «الفيتو» على الدولة؛ ما سهّل مخطط الشغور المتكرر في رئاسة الجمهورية والفراغ الدائم في السلطة التنفيذية؛ فتشيعت المؤسسات، وصار البلد ينتظر «فتاوى» الضاحية الجنوبية!

الإنجاز الذي أقدم عليه مجلس الوزراء يومَي 5 و7 أغسطس (آب) غير مسبوق. فاستناداً إلى مرجعية الدستور و«اتفاق الطائف»، ومرجعية خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة، كما مرجعية اتفاق ترتيبات وقف النار الذي رضخ له «حزب الله»، والملزم للبنان بعد موافقة الحكومة السابقة؛ أعلن نواف سلام قرار حصر السلاح بيد الشرعية، وتكليف الجيش وضع الخطط العملانية لذلك، على أن تصادق الحكومة على خطة القيادة العسكرية، مع تحديد مهلة التنفيذ بنهاية العام الجاري. وثابت أن القرار المتخذ جاء وسط التفافٍ لبناني واسع حول السلطة، في حين انحسر كثيراً تأييد «حزب الله»، وانفك عنه كل حلفائه السابقين، ولا يبدل في الأمر شيئاً ما حدث من خروج مسرحي للوزراء الشيعة من جلسة مجلس الوزراء!

بلغت السريالية مداها عندما قرر وزراء «أمل» و«حزب الله» الامتناع عن الموافقة على ترتيبات فاوض بشأنها نبيه بري، وبصم عليها «الحزب» منفرداً، وأُلزم بها البلد... فامتثلوا لنهج أرعن يرفض بالعمق طي صفحة المشروع الخارجي في لبنان، لتستمر «المقاومة» للأبد بما هي أداة لهذا المشروع في زمن يدرك «الحزب» عجز السلاح عن حماية السلاح بعدما سقط في امتحان حماية حامليه!

تاريخيٌّ هو القرار بسحب الشرعية عن سلاح «حزب الله» وكل سلاح آخر لبناني أو فلسطيني، والأهمية أن جدول الأعمال يفترض تفكيك البنى العسكرية لهذه الميليشيات التي عاثت فساداً ورتبت الأثمان الباهظة. ولا قيمة لمواقف التحريض وادعاء الدفاع عن السيادة من الجهة المسؤولة عن استدراج الاحتلال. انتهى زمن «الفيتو» وتزوير الدستور و«الطائف»، ووحده القرار الرسمي يرسي أساس حماية البلد، في زمن يشهد مخاطر فرض تغييرات جيوسياسية قد تطال الخرائط التاريخية.

«إيه في أمل» باستعادة الدولة العادلة والمرجع لكل أبنائها، وفتح طريق تعافي البلد. وكم هو مؤثر أن يعلن مجلس الوزراء في الجلسة عينها استبدال اسم جادة زياد الرحباني باسم جادة حافظ الأسد، في خطوة يراد منها تصحيح مسار الذاكرة الجماعية، وطي زمن الترهيب والقتل... وتثبيت اسم من أجمل من أنجبهم لبنان.

arabstoday

GMT 12:05 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

قرارات الكابينت تطيل أمد الحرب فقط

GMT 07:27 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً: النهاية!

GMT 07:22 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

تيه في صخب عربي مزمن

GMT 07:20 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

الظهور الثاني لعوض الدوخي

GMT 06:53 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

قضيتا الاستعصاء السياسي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إيه في أمل» مرة أخرى «إيه في أمل» مرة أخرى



نانسي عجرم تتألق بفستان فضي من توقيع إيلي صعب في إطلالة خاطفة للأنظار

دبي ـ العرب اليوم

GMT 10:55 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

درة تتألق بإطلالات صيفية ملهمة في 2025
 العرب اليوم - درة تتألق بإطلالات صيفية ملهمة في 2025

GMT 06:33 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

إصابة 11 سائحا في حادث مروع شرقي مصر

GMT 06:39 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا

GMT 06:26 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

العاصفة إيفو تقترب من سواحل المكسيك

GMT 08:45 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab