بقلم : طارق الشناوي
يقول المثل الدارج: «الكذب مالوش رجلين»، وهذا يعني أن الأكاذيب لن تستطيع مهما طال الزمن الصمود أمام شمس الحقيقة، التي تغربل الكلام وتزنه أولاً قبل أن تنطق به.
هذا ما يبدو ظاهرياً وما أعلنه الأولون، إلا أنه في زمن «السوشيال ميديا» لا تزال هناك معادلات أخرى، يجب أن نضعها في الحسبان، وهي أن عدداً من الفنانين صاروا هم مصدر الإشاعات؛ يقفون أمام كاميرا «الموبايل» ولا يتوقفون عن اختراع قصص وهمية.
هناك مثلاً من تدعي أن رشدي أباظة النجم الوسيم الراحل، سخر من عادل إمام، قائلاً له: «من المستحيل أن تصبح نجماً بتلك الملامح المنفرة، التي تخاصم الجمال». لو استعدت أرشيف كل من رشدي وعادل لن تجد أبداً أي ذكر لتلك الواقعة المختلقة، رغم أنهم يؤكدون أن هذا الموقف حدث على الملأ. واقعة أخرى، البطلة هذه المرة هي فاتن حمامة، قالت أيضاً إحدى الممثلات إن «المخرج داود عبد السيد طلب منها في الفيلم الوحيد الذي جمع بينهما (أرض الأحلام) أن تتلعثم أثناء أداء الحوار في حرف الراء، وإنها رفضت، ولكنه أصر فاستجابت». والمعروف أن فاتن حمامة وهي طفلة وحتى مرحلة المراهقة، كانت بالفعل تعاني في أداء هذا الحرف، وهو ما يطلق عليه «لثغاء»، إلا أن أستاذها في معهد الفنون المسرحية وعميد المعهد الفنان الكبير زكي طليمات، استطاع بالعديد من التدريبات أن يخلصها من هذا العيب.
الغريب أن الواقعة في حقيقتها عكس ذلك تماماً؛ فاتن حمامة هي التي طلبت من داود عبد السيد - أمدّ الله في عمر مخرجنا الكبير - اللجوء لتلك الحيلة في أداء الحوار، وإنه هو الذي اعترض؛ قال إن هذا سوف يجرح وقار الشخصية، فقالت له فاتن: «زوجتك الكاتبة الصحافية الكبيرة كريمة كمال لديها نفس العيب، وهذا لم يجرح أبداً من وقارها»؛ وافق على الفور داود عبد السيد. الفنانة روتها على غير حقيقتها، ربما مع مرور الزمن حدث خلط في الأحداث!
فنان آخر دأب على أن يذكر قصصاً وهمية، يقدمها عبر الفضائيات على اعتبار أنه «شيخ حارة الفنانين». مثلاً بعد رحيل سمير صبري أكد أنه أنجب طفلاً من نجمة بعد أن ربطتهما قصة حب تم تتويجها بتلك الزيجة السرية، وبعد إنجابه طلقها. بالمناسبة كادت تلك الكذبة تضعه في إطار المساءلة القانونية، لولا أن النجمة قبلت اعتذاره وتسامحت معه من أجل ذكرى سمير صبري، الذي لم تنكر أبداً أنه كانت بينهما صداقة وقصة حب لم تصل أبداً إلى مكتب المأذون.
حكاية أخرى أطلقها أيضاً «شيخ الحارة»؛ هذه المرة عن ميرفت أمين، قائلاً إنه في فيلم «أبي فوق الشجرة» ربطت علاقة حب بين عبد الحليم حافظ وميرفت. لم يكتفِ بهذا القدر، فأضاف أنه منذ ذلك الحين وهو يقدم لها كل أغانيه العاطفية مثل «حاول تفتكرني».
ميرفت أمين هي التي تصدت هذه المرة وقالت: «كل بنات جيلي اعتبرن حليم فتى أحلامهن، ولكن لا يعني ذلك أنني بعد أن شاركته البطولة مع نادية لطفي صارت بيننا قصة حب حقيقية، هذا لم يحدث أبداً، هل أكذب بعد رحيل العندليب، وأدعي علاقة عاطفية مختلقة لمجرد أن عبد الحليم لن يستطيع تكذيبها؟!».
بعض القصص الوهمية يصدقها جمهور «السوشيال ميديا»؛ لأنه يحب «الفرقعة» والخروج عن المألوف، وحتى بعد التكذيب يكذّبون التكذيب!