العفو الملكي وغياب الرشد السياسي

العفو الملكي وغياب الرشد السياسي

العفو الملكي وغياب الرشد السياسي

 العرب اليوم -

العفو الملكي وغياب الرشد السياسي

بقلم : د.محمد الرميحى

في منطقة مليئة بالصراعات، ومتخمة بالمفاجآت غير السارة، وهي منطقة الشرق الأوسط، يأتي العفو الملكي الذي أصدره ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى، كضوء أمل جديد ومبشر. فقد تم العفو عن أكثر من ألف وخمسمئة مسجون بتهم مختلفة، ذهبوا إلى منازلهم بسلام. وقد قابلت مؤسسة حقوق الإنسان الدولية ذلك القرار بترحاب، ووصفته بأنه خطوة تدعم حقوق الإنسان، كما غرد نائب رئيس مجلس الشورى في البحرين، باقتراح إيجابي أن يحصل المفرج عنهم على معاش كريم، حتى يتسنى لهم الوقت الذي ينضمون فيه إلى سوق العمل المحلي.

 

بكل المقاييس، فإن الخطوة إيجابية، وبعيدة النظر، وتأتي من قيادة تثمن أهمية التسامح، وفتح الفرص للمواطن بعيش كريم.

إلا أن المؤسف في غياب الرشد السياسي لدى بعض متزعمي (قوى المعارضة)، إن صح التعبير، وبخاصة بعض رجال عاملين في الشؤون الدينية، ومنغمسون في لجة السياسة، أنهم قدموا مباشرة خطاباً تأزيمياً تجاه تلك الخطوة الإيجابية، مفسدين على المطلق سراحهم فرحة الخروج إلى المجتمع، موترين الجو السياسي المحلي، من دون أن يأبهوا، لا إلى معاناة الناس، ولا إلى العمل المسؤول لتطوير هامش الوفاق الاجتماعي المطلوب.

وبدأت نغمة كريهة في تصعيد التحيز الطائفي، وبث الكراهية، والذي تجاوزها المجتمع بكل مكوناته منذ زمن، بعد أزمة وطنية قاسية.

هذا البعض لا يستطيع إلا أن يفكر بما كان في الماضي، والذي سبب كل تلك المآسي الاجتماعية، وشق الصف الوطني، وبعثرة جهود التنمية، خالطاً خلطاً مرَضياً بين الوطن وحفظه وسلامته، مهما اختلف في الاجتهادات السياسية، وبين ضياع الوطن وإلحاقه بقوى إقليمية، لم تقدم لشعبها إلا القمع والفاقة، والاشتباك في حروب بالوكالة، استنزفت، وما زالت تستنزف الطاقات.

هناك فرق واضح بين مطالب وطنية ومطالب فوق وطنية، أو عابرة للوطن، الأخيرة خربت بلداناً حولنا، والأمثلة كثيرة، منها لبنان، الذي ضاع كدولة في خضم ميليشيات تابعة للخارج، وبين العراق الذي ما زال يعاني من تلك الفرقة الوطنية، واليمن ليس بعيداً عنهما، وما يعانيه أهله من مرض وفقر مشاهد.

الحفاظ على الوطن هو في انسجام كل مكوناته، وانخراط الجميع في تطويره، وكل الأوطان تعيش فيها مكونات مختلفة، سواء دينية أو مذهبية أو عرقية، هي كالسفينة الواحدة، إن ضربها إعصار، فهو يدمر السفينة بكل ركابها، لذلك فاستمرار الدعوات المفككة للوطن، وفي أجندة خفية (معروفة) في الإلحاق بالخارج، هو ليس عملاً وطنياً، بل العكس هو عمل (غير وطني)، واستغلال بعض المنغصات، لا من أجل إزالتها أمام كل المواطنين، بل من أجل تحشيد البعض ضد البعض الآخر، والإضرار بالوطن، هو من أعمال القصور السياسي، وغمس السياسي المتغير بالديني الثابت، هو سوء استخدام العقل، ولا يقدم إلى المواطن ما يرجوه من سلام، بل يزيد التأزيم، ويسمح لضعاف النفوس، وربما الجهلة، أو أصحاب الأجندات التخريبية، فرصة للعبث بالأمن الوطني.

البعض، مع الأسف، لا يريد أن يقرأ المتغيرات، ولا يعي الدروس المستفادة من الماضي، يريد أن يرجع الأمر إلى سيرته الأولى.

إلا أن أصواتاً عاقلة بدأنا نسمعها مجاهرة من نفس النسيج ضد ذلك التوجه إلى التأزيم، وربما نحتاج إلى أصوات عاقلة أخرى من الطيف الاجتماعي للصدع بقرع الجرس، والإشارة إلى الخطر القادم من تلك المجموعة المأزومة، لأن الوقت ليس وقت المجاملة، حيث بقاء الأوطان حرة منسجمة بين مكوناتها، هو حائط الصد الحقيقي، ولعل العفو الملكي قد بدأ تلك الخطوة لتحصين الوطن، فهل يفهم البعض تلك الخطوة، ويقابلونها بما تستحق، أم يضلون في أوهامهم التي قد تحرق الأخضر واليابس.

arabstoday

GMT 04:52 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

المقنعة ألغت الألعاب

GMT 04:50 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

قمة الثبات العربي والإسلامي

GMT 04:47 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

هند رجب تُبعث من جديد

GMT 04:45 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

ترمب... والسخرية من الساخرين منه

GMT 04:42 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

الديمقراطية غير الليبرالية: خيال روسي ــ صيني

GMT 04:39 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

ما المطلوب من مؤتمر حل الدولتين؟

GMT 04:35 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

بغداد والهدوء الحذر

GMT 04:26 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

هذا الملك.. وهذه الملكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العفو الملكي وغياب الرشد السياسي العفو الملكي وغياب الرشد السياسي



الملكات والأميرات والسيدات الأوائل يتألقن في أسبوع من الإطلالات الملوكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

لقاء الحكومة والإعلام

GMT 15:37 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

يوتيوب تطلق مجموعة تحديثات فى YouTube Studio

GMT 15:57 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026

GMT 15:50 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

سعد لمجرد يفاجئ جمهوره في أحدث أغانيه

GMT 15:19 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

اليورو يسجل أعلى مستوى له مقابل الدولار منذ 2021

GMT 03:49 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

تسجيل 16 هزة ارتدادية في كامشاتكا الروسية

GMT 04:15 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الأربعاء 17 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 02:31 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

دراسة تلمح إلى دور الروائح في علاج السمنة

GMT 13:33 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

‎خمس نقاط مهمة في كلمة السيسي بالدوحة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab