قمة الغاضبين

قمة الغاضبين

قمة الغاضبين

 العرب اليوم -

قمة الغاضبين

بقلم : سوسن الأبطح

«شي جينبينغ، وبوتين، ومودي، إنهم يجعلون الغرب يرتجف»، هكذا عنون برنامج تلفزيوني فرنسي إحدى حلقاته الحوارية التي ناقشت دلالات اجتماعات وصور قمة شنغهاي، التي جمعت زعماء 20 دولة، يمثلون ما يقارب نصف سكان العالم، بينهم الثلاثة الكبار، والتي أغاظت الكثيرين.

هل هي مبالغة في المخاوف أم تحسّب من عظيم آتٍ؟ الأيام وحدها تحكم. لكن هل يستحق اجتماع دول تختلف أكثر مما تتفق، كل هذا الصخب الغربي والإحساس بالاستهداف، ومتابعة الابتسامات وترجمة حركات الأيدي، وقسمات الوجه. كتبت صحيفة إنجليزية: «إنهم يتمازحون ويضحكون أيضاً!»، كأنما كتب على حكّام المشرق أن يتقاتلوا، بينما تجتمع الدول الغربية منذ عقود وتتفق وتتخذ القرارات، وتشن الحروب بالجملة، في عالم ضعيف ومذعن.

اجتماع منظمة شنغهاي، ليس استثنائياً هذه المرة إلا في الظروف المحيطة به. وهو لم يكن ليظهر بهذه الأهمية لولا أن دفع المشاركون فيه دفعاً إلى تخطي خلافاتهم، وإظهار حُسن نياتهم بين بعضهم، وكل منهم يحاول أن يوحي لأميركا أن البديل ليس الفراغ، وإنما تحالف آخر، بينما العين على انتزاع مزيد من التنازلات من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

المشاركون الثلاثة الكبار، الصين والهند وروسيا، غاضبون، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي توقف عن الرد على اتصالات حليفه ترمب. إذ لم يعجبه أن يدعي الرئيس الأميركي زوراً دوره في إيقاف الحرب الهندية - الباكستانية، ويحرجه شعبياً، ولا يلائمه أن يفرض ترمب على الهند ضرائب وصلت إلى 50 في المائة، أكثر من تلك التي على الصين.

الجرح الهندي كبير، لكن المصالح مع أميركا أكبر، والتعاون مع الدول الجارة لا يعني انتهاء النزاعات الكبرى معها، سواء حدودية مع الصين، وباكستان، أو اختلال الميزان التجاري مع كل من الصين وروسيا لصالح الأخيرتين. ومع ذلك، فالدول الجارة مكتوب عليها التعاون، إن هي أرادت التطور، وتجاوز خلافاتها إن أحبت النظر إلى المستقبل.

ويكتب للهند أنها رغم تحالفاتها القوية مع أميركا، فإنها بقيت تقيم توازنات صعبة مع جيرانها، متخطية الضغوط الغربية الهائلة، لجعلها الكتلة الموازية للصين التي وحدها تستطيع بقوتها الديمغرافية والعسكرية أن تعكر صفو طموحات التنين المتنامية، والوقوف في وجهها.

أبقت الهند على علاقة متينة مع روسيا، رغم العقوبات الأميركية على الأخيرة. استفادت وهي تشتري البترول الروسي، بأسعار زهيدة، بل وتبيعه لطرف ثالث وتربح. ويتوقع أن يصل الميزان التجاري بين البلدين في السنوات القليلة المقبلة إلى مائة مليار دولار، رغم التهديدات الأميركية، والضغوط المتوالية.

ومع أن أميركا سوق تجارية ضخمة، الكل يريد أن يفوز بحصة الأسد منها، إلا أن أميركا دفعت الدول النووية الثلاث إلى التقارب، مع أنها إلى التنافر كانت أقرب.

فالعقوبات التي فرضت بشكل قاس على روسيا وإيران، خلخلت شبكة العلاقات الغربية مع دول الجنوب بعد حرب أوكرانيا، وبدأت كل دولة تتحسس رأسها، عادّة أن ما أصاب روسيا ودولاً أخرى، يمكن أن يصيبها. ثم بعد العقوبات، جاء مسلسل الضرائب والحرب التجارية التي لم توفر أحداً، ليجد الحلفاء قبل الأعداء، أن أميركا على استعداد للتخلي عن الجميع، بما فيهم أبناؤها الأوروبيون.

وإن كانت أوروبا، لا تزال تتمسك بما تسميه العالم الديمقراطي، عادّة أن غالبية ما تبقى هي ديكتاتوريات لا يمكن التعامل معها، فهي عالقة، بين أخ كبير لا يرحم، وشرق لا يريد أن ينتظر الفرج إلى ما لا نهاية، ويشرع لها أبوابه، لكنها لا تتقبله.

التحولات الكبرى مستمرة. والبيان الختامي لقمة شنغهاي جاء دبلوماسياً، يعارض عقلية الحرب الباردة، ويرفض الترهيب الذي ينتهجه البعض، في إشارة مبطنة إلى الولايات المتحدة.

لكنه يطالب بتفعيل عمل الهيئات الأممية وتحقيق العدالة، والحفاظ على حقوق الإنسان واستقلالية الدول، وهي الشعارات نفسها التي يسوق لها الغرب، ويقول إنه يخوض حروباً حول العالم للدفاع عنها. إلا أن البيان لا يُقرأ بظاهره، وإنما بما يُخبئه بين السطور.

الأزمة ليست في دول شرقية، تحاول أن تجد لها مكاناً آمناً وسط الأمواج والأعاصير الدولية الصاخبة، وإنما في غرب يرتفع منسوب الخوف لديه، من أي تجمع أو تكتل لا يكون هو رأسه، أو مشرفاً عليه، ويتهمه بالتآمر.

ما تسمى منظمة «شنغهاي للتعاون»، حظوظ نجاح خططها المستقبلية، من إنشاء بنك إلى تمويل مشاريع تنموية، كلها لا تزال ميزانياتها متواضعة، وتطبيقها يخضع للظروف ورياحها المتبدلة، بينما المؤسسات الغربية قائمة وتعمل ويريد من أوجدوها بعد الحرب العالمية الثانية تقويضها، ويفضلون عليها بثّ الفوضى. ما العمل والحالة هكذا؟

الشعور الغربي بالضعف المتنامي عقدة جديدة، بعد أن كان الإحساس بفائض القوة هو الكارثة الكبرى.

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة الغاضبين قمة الغاضبين



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab