أكبر من لبنان

أكبر من لبنان!

أكبر من لبنان!

 العرب اليوم -

أكبر من لبنان

بقلم:سوسن الأبطح

مُحقّ أنطونيو غوتيريش، حين يقول إن «لبنان على حافة الهاوية، وقد يتحوّل إلى غزة ثانية»، لكنها فضيحةٌ مدوّية أن يُعلن أمين عام الأمم المتحدة عجزه المطلق من أعلى منصة دولية، وفشل منظمته المهابة في كبح مُجرِمي مجازر غزة المستمرة منذ سنة (ويبشّرون بسنة إضافية)، ويتنبّأ بمجازر جديدة قد تكون أكبر وأضخم.

باعتراف إسرائيل أن الغارات التي تشنّها على لبنان هي الأعنف في تاريخها، ومقارنةً بحرب 2006 على لبنان التي دامت 34 يوماً، راح ضحيتها 1200 قتيل، فإن إسرائيل قتلت في اليوم الأول من قصفها المكثَّف هذه المرة 550 ضحية، بينهم نساء كُثر وأطفال، أي نصف مَن قتلتهم خلال شهر كامل طوال الحرب السابقة.

إسرائيل ليس أمامها سوى أن تقتل بلا ضوابط، ما دام أنها أُعطِيَت «شيكاً دولياً» على بياض، لتمارس ما لم يجرؤ عليه أحد على الإطلاق، منذ وُضعت القوانين الدولية إثر الحرب العالمية الثانية، وأُطلق العنان لوسائل التواصل لتنقل الإبادة وقصف المستشفيات ومدارس اللاجئين وخيامهم بالبث المباشر.

للوهلة الأولى، يبدو سيناريو حرب 2024 شبيهاً بـ2006، لكن إسرائيل هذه المرة جريحة ونازفة، تبحث عن صورة نصر فاقعة، تعويضاً عن مهانتها، ومحلّلوها يُلقُون باللوم على قادتهم؛ لأنهم انسحبوا من لبنان عام 2000 خشيةَ استنزاف الجيش، ولولا ذلك التخاذل المدوّي لما تجرّأت «حماس» وتطاوَل غيرها.

تغيّرت إسرائيل خلال 18 سنة، ولم تتبدَّل أطماعها التوسعية، ولا يزال «العربي الجيد هو العربي الميت»، إنما ازدادت استشراساً، وتطرّفاً وحقداً، وحكامها يُفصِحون بما كانوا يُضمِرون، منتهزين ضَعفاً أميركياً غير مسبوق، مع طمع في جَرّ حليفتهم إلى حرب كبيرة تشمل إيران؛ إذ يسعى نتنياهو بكل ما أوتي من خبث وحيلة إلى هذه الغاية، وتُقابله إيران بالعَضّ على الجرح؛ لتفويت الفرصة عليه.

برنارد هنري ليفي «غراب الثورات العربية»، داعم الصهيونية في دمويتها واحتلالها، لا، بل هو محاميها وشارح أهدافها وأحد أذرُعها، تحدّث بوضوح قبل أيام، وكان الرجل قد ظهر خلال الثورات، في كل مكان حلّ فيه الدمار، خصوصاً في ليبيا، وها هو يطلّ من جديد، وينعق بمناسبة الحرب على لبنان، يخبرنا «فيلسوف العصر» أن مرامي الحرب أكبر من غزة ولبنان، وأن الهدف الحقيقي هو الوصول لقصف البرنامج النووي الإيراني، ومن خلف إيران روسيا والصين.

يخبرنا ليفي الفرنسي، ذو الأصول الجزائرية، عن حرب لا تُبقي ولا تَذَر، عن قوتين متواجهتين، ستَبقيان تتصارعان، إلى أن تقضي إحداهما على الأخرى، ما كنا لنُصغي لليفي هذا لو أن بنيامين نتنياهو ووزراءه، وشريكتهم أميركا، يقولون شيئاً آخر.

بدلَ أن تُنهي إسرائيل حربها على غزة، تجدها تسعّر النار من جديد هناك، وتبدأ بالتزامن قصفها المجنون على لبنان، مع هجمات ضارية على الضفة، بُغية تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على الأرض، أهداف يتكرّر الكلام عنها على محطاتهم التلفزيونية، ووزراء نتنياهو أنفسهم يقومون بالمهمة.

المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر يعترف أن هدف حرب لبنان جعل حدود إسرائيل على نهر الليطاني. روني مزراحي المقرّب من نتنياهو، توقّع ببساطة أن يكون الأردن البلد التالي بعد لبنان؛ لأن إيران سيكون لها مصالح فيه.

حُجج إسرائيل جاهزة لتنقضّ على فلسطينيّي 48، وتطردهم باتجاه لبنان، كما تحاول دفع سكان غزة إلى سيناء.

مع أن العنوان العريض للحرب على لبنان هو إعادة 100 ألف مستوطن إلى بيوتهم شمال إسرائيل، لكن نتنياهو يَعُدُّها حرباً استباقية، مدَّعياً أن «حزب الله» كان ينوي هجوماً على غرار 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فالحروب الاستباقية، بعد أن نفشت إسرائيل ريشها، عادت إلى الواجهة؛ إذ يشرح ليفي أن إيران يتوجّب أن تُضرَب استباقياً، لإحباط مشروعها النووي، فكيف لإسرائيل أن تحتمل دولة نووية أخرى في المنطقة؟

منذ سمعنا أن أميركا لا تريد حرباً برّية أدركنا أنها لا بد واقعة، تماماً كما عبّرت من قبل عن رفضها لاجتياح رفح، وأكّدت عشرات المرّات أن اتفاقاً بين إسرائيل و«حماس» بات وشيكاً، وتَبيَّن كذب كل الادعاءات، لم يَعُد لأميركا من دبلوماسية تُحترَم منذ أصبحت تقول الكلام وتتصرف عكسه، ويجوب وزير خارجيتها أنتوني بلينكن عواصم منطقتنا، وكأنه يدور حول نفسه، ويظل خالي الوفاض.

إن نجحت إسرائيل في كسر «حزب الله» عسكرياً، كما تتوقّع، ستُكمل مشروعها على مختلف الجبهات بما فيها لبنان، وإن ظهر أن الترسانة التي يتحدث عنها الحزب لا تزال فاعلةً، وأمكنه أن يصمد ويقصف ويرعب، عندها نحن أمام حرب طويلة، تتحقَّق فيها نبوءة المسكين غوتيريش، مع احتمال ضئيل في الوصول إلى حلّ دبلوماسي، برغم أنه الوحيد الناجع.

لكن القضاء على لبنان، ببنيته الضعيفة، قد يكون أسرع وأسهل من القضاء على «حزب الله»، تماماً كما مسحت إسرائيل غزة عن وجه الأرض، لكنها لا تجد مَن تُفاوِضه غير «حماس».

 

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكبر من لبنان أكبر من لبنان



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab