الخوف على لبنان… والخوف من “الحزب”

الخوف على لبنان… والخوف من “الحزب”؟

الخوف على لبنان… والخوف من “الحزب”؟

 العرب اليوم -

الخوف على لبنان… والخوف من “الحزب”

بقلم : رضوان السيد

“إنّي لا أخاف عليكم من الاستعمار وأعوانه، بل أخاف عليكم من أنفسكم” (المفكّر محمد إقبال في مؤتمر القدس عام 1931).

الموفد الأميركي توم بارّاك أعلن التخلّي عن لبنان، والمسؤولون يستخفّون ببَهْوَرات “الحزب” في بيروت كالعادة. الخوف مشترك، لكنّ البعض خائف من “الحزب”، والبعض الآخر خائف على لبنان.

حفلت مناسبة احتفال “الحزب” المسلّح بلبنان لمناسبة مرور عام على غياب رئيسه السيّد حسن نصرالله بالإقدام على وضع صورته الضوئيّة مع قريبه هاشم صفيّ الدين على صخرة الروشة، بدلالات متعدّدة. منها انقسام السلطات في المواقف والعلاقات، ومنها التخوّف من التطوّرات سواء مع العدوّ الصهيوني أو بالداخل الحكومي اللبناني. ماذا يعني ذلك كلّه؟ هل عاد تحكّم “الحزب” أم هو التخاذل وتجنّب اتّخاذ موقف؟

إحساسٌ واحدٌ مشترك بين اللبنانيّين هو الإحساس بالخوف. المواطنون خائفون من المجهول الذي ينتظرهم بهمومه الحاضرة وعواصفه المستقبليّة. أمّا المسؤولون في الدولة والسياسيّون بشكلٍ عامٍّ فهم خائفون أيضاً، لكنّ بعضاً منهم خائف على لبنان، والبعض الآخر خائفٌ من “الحزب”!

جميع هؤلاء يَجْهر بخوفه على لبنان وأمنه الوطني. والفريقان حاولا الاستتار بالاعتداءات الإسرائيليّة  المستمرّة: ما دام الفريق الإسرائيليّ لم يفِ بوقف إطلاق النار فلا يمكن الطلب من “الحزب” المسلَّح أن يفي بتسليم السلاح!

انكشف الفريقان الخائفان لأنّ الموضوع ليس الوفاء باتّفاق وقف إطلاق النار بل إنفاذ قرار الحكومة بحصريّة السلاح بيد الدولة وأجهزتها الرسميذة. وجهة النظر المتشيّعة لـ”الحزب” تقول إنّه ليس من المنصف مطالبته بنزع السلاح ما دامت الاعتداءات مستمرة.
بغضّ النظر عن كلّ الاعتبارات، إيران بحسب اعتقادها هي الأشدّ حاجةً إلى سلاح “الحزب” بعد عودة العقوبات عليها

أمّا الواقع فقد أثبت أمرين:

1- أنّ سلاح “الحزب” لا يردع بعد الضربة الكبرى.

2- أنّ رفض هذا السلاح صار مطلباً دولياً إلى جانت كونه مطلباً داخليّاً لبنانيّاً. اصطدم “الحزب” بإسرائيل بعد عام 2000 مرّتين أو ثلاثاً، بينما اصطدم باللبنانيّين والسوريّين وغيرهم من العرب عشرات المرّات. لماذا ينفرد فريقٌ بامتلاك السلاح، وهو فريقٌ معتدٍ دائماً من أجل الإخضاع كما تبيّن من نموذج صورة حسن نصرالله وقريبه هاشم صفيّ الدين على صخرة الروشة، والهدف الأعلى أن يظلَّ وفيّاً لمنشئيه ومسلِّحيه ومموِّليه؟

حاجة إيران للسّلاح

بغضّ النظر عن كلّ الاعتبارات، إيران بحسب اعتقادها هي الأشدّ حاجةً إلى سلاح “الحزب” بعد عودة العقوبات عليها، وبعد تهدُّدها بحربٍ جديدةٍ من جانب إسرائيل والغرب بل الغربين. وما كتم ذلك علي لاريجاني ولا محمد باقر قاليباف ولا ممثّل المرشد الأعلى خامنئي.

لبنان

كيف يفيد سلاح “الحزب” والحوثيّين إيران؟ ومن أفادت حرب الإسناد؟ نحن لا نصدّق أنّ لهذا السلاح فائدة للبنان أو للشيعة أو لإيران. لكنّ الإيرانيّين متأكّدون أنّه مفيد ولا نعرف كيف. نحن متأكّدون أيضاً أنّهم إن لم يسلّموا سلاحهم للدولة والحكومة والجيش وهم جميعاً مشاركون فيها بقوّة، فسيحصل ما أنذرهم به بارّاك: تحطيم سلاحهم بالقوّة الإسرائيلية، ومزيد من الخسائر البشريّة بين الشيعة والخسائر العامّة على لبنان كلّه، والعودة إلى العزلة الدوليّة التي اعتقدنا أنّنا خرجنا منها في عهد (جوزف) عون الثاني، ونوّاف سلام الثالث بعد صائب وتمّام.

ما أهميّة إضاءة صخرة الروشة أو ما هو ضررها؟ رئيس الحكومة ومشايعوه يعتبرون أنّها كانت خروجاً على الاتّفاق الذي تمّ مع الرئيس برّي وممثّلين عن “الحزب” كما يُقال. وأنا أرى أنّ الأمر بعد بيان وزير الدفاع أخطر من ذلك بكثير.
انقلبت الجبهات وتكسّرت حرابها. وبقي أمران مخوفان ومخيفان: الخوف من “الحزب” والخوف على لبنان

ما صدّقنا بارّاك عندما أخبرنا أنّ أحد كبار المسؤولين قال له إنّه لا يمكن نزع السلاح بالقوّة لأنّ الجيش غير قادر، ولأنّه يتسبّب بحربٍ أهليّة. لكن بعد بيان وزير الدفاع ظهر أمران خطيران:

1- أنّ السلطة العليا متّفقة مع “الحزب” على التعاون والتنسيق ليس في نزع سلاحه بل في عدم نزعه.

2- أنّ الجيش وقوى الأمن الداخليّ ليسوا مستعدّين لحماية المواطنين والمرافق العامّة من اعتداءات الحزبيّين. بل جاء في البيان ما يُشعر أنّ تلك القوى التي يثق بها اللبنانيّون ثقة عمياء، كان من مهامّها تأمين المتظاهرين الذين كانوا يخالفون القانون ويرفعون الرايات غير اللبنانية ويشتمون رئيس الحكومة والعرب والدوليّين! ممّن كان الحزبيون اللاهون هؤلاء يخشَون لكي تحميهم قوّاتنا الأمنيّة والمسلّحة درع الوطن وحامية أمن اللبنانيّين؟!

عندما تمرّد اللبنانيّون في عام 2019 وما خرقوا قانوناً ولا اعتدوا على مرفقٍ عامّ، كدنا نقبّل الأيدي لأنّهم سمحوا لنا بالنزول إلى الشارع مع أنّهم لم يحمونا من هجمات الصارخين: شيعة، شيعة! الآن نرى أنّ هؤلاء الصارخين أنفسهم وبالشعارات التخريبيّة نفسها يعيدون غزو شوارع العاصمة الرئيسة، ويفتخر المسؤولون الكبار أنّهم حموهم، إنّما في ماذا؟ وضدّ مَنْ بعد ما ارتكبوه؟!

لا يستطيع العاقل والساذج إلّا أن يرى في ذلك استمراراً لانتهاك حرمات العاصمة وإذلالاً لأهلها من الجهات ذاتها التي قامت بالانتهاكات ليس ضدّ إسرائيل بل ضدّ فئة من اللبنانيّين معروفة السِمات، أيّام إميل لحّود وميشال سليمان وميشال عون، والآن مع السلطات الجديدة الواعدة. إذا لم تكونوا تستطيعون نزع سلاح “الحزب” المرتكِب على مدى عقود، فعلى الأقلّ امنعوا الغوغاء الحزبيّة والطائفيّة من اجتياح بيروت باستمرار في العهد الذي بشّر في خطاب القسم والبيان الحكوميّ باستعادة الدولة من السلاح والمخدّرات والفساد واستعادة علاقات الصداقة مع العرب والعالم!
الموفد الأميركي توم بارّاك أعلن التخلّي عن لبنان، والمسؤولون يستخفّون ببَهْوَرات “الحزب” في بيروت كالعادة

لا يحلّون ولا يربطون

مع ذلك كلِّه، أنا أرى أنّ الملوم الأوّل ليس العسكريّين في الداخليّة والدفاع، بل الملوم سياسيّو بيروت وأهل الحلّ والعقد فيها (وقد تبيّن أنّهم لا يحلّون ولا يربطون). منذ شهورٍ وشهورٍ وخلال تشكيل الحكومة والتعيينات في المناصب الأولى، كان أُناسٌ كثيرون يحذّرون من أن لا فرق بين الجديد والقديم (!). وكنت أقول: لا بأس أن يتسلّم رئيس الجمهوريّة الطائف كلّه والصلاحيّات لكي يؤمن المسيحيون أنّ الطائف ليس شرّاً عليهم وليس للسُّنّة كما كان يزعم جبران باسيل وعمّه.

لكنّني والحقّ يُقال عندما علمتُ أنّه جرت إعادة الضابطة المطرودة سوزان الحاج إلى الخدمة، وتُركت بيروت للغوغاء تنساحُ في أرجائها، تذكّرتُ عهد عون الأوّل، ثمّ تراجعت لسببين:

1- كان الأوّل رأساً في تحالف الأقليّات بالمنطقة الذي فقد ولله الحمد الركن الأسديّ السوريّ، وانكسر ركن “الحزب” اللاهي بالوطن والمواطنين، وجبران باسيل عالق في العقوبات الأميركية.

2- الجمهور المسيحي وليس سياسيّوه فقط هم جميعاً ضدّ “الحزب” ومسلِّحيه.

لقد انقلبت الجبهات وتكسّرت حرابها. وبقي أمران مخوفان ومخيفان: الخوف من “الحزب” والخوف على لبنان. وهذا الخوف على لبنان الذي يحمله عقلاء الناس وكبارهم من كلّ الفئات هو الذي يُبقي على الأمل في المستقبل.

إقرأيضاً: هل أطلق بارّاك “غزوة” الرّوشة؟

بالطبع كانت آمالنا أكبر وأعظم، لكنّ الغرام بالرئاسات والحرص عليها والطمع فيها داءٌ لا يمكن الشفاء منه. إنّما الداء الأعظم استهانة أهل السنّة على كثرتهم بالكرامة والشخصيّة الوطنيّة والمدنيّة، فمتى يهبّون كما هبّ الجمهور الآخر؟ وصدق أبو الطيّب:

من يهُن يسهل الهوان عليه                  ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ

arabstoday

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 11:50 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النار في ثياب ترامب

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 11:07 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

التاريخ والجغرافيا والمحتوى

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 10:56 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حلم المساواة

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخوف على لبنان… والخوف من “الحزب” الخوف على لبنان… والخوف من “الحزب”



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 16:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
 العرب اليوم - جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
 العرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 22:12 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس الأمن يرفع العقوبات عن الرئيس السوري ووزير الداخلية
 العرب اليوم - مجلس الأمن يرفع العقوبات عن الرئيس السوري ووزير الداخلية

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير هاري يبعث رسالة خاصة لأبناء بلده من كاليفورنيا

GMT 04:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير إسرائيلي يدعو لمناقشة تعاظم قوة الجيش المصري

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:00 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab