بقلم : سليمان جودة
فى نهار واحد كانت إسرائيل تلعب فى شمال المنطقة بتفجير مسجد فى حمص السورية، وكانت تعبث فى جنوب المنطقة باعترافها رسمياً بإقليم أرض الصومال الانفصالى!.
وأرجو ألا تخدعنا الجماعة التى أعلنت مسؤوليتها عن تفجير المسجد، وقتل المصلين فيه أثناء صلاة الجمعة، فالجماعة التى أعلنت ذلك مجرد لافتة لا أكثر، أما ما وراء اللافتة فهو الأهم، وهو الذى علينا أن نتعامل معه وأن نُركز عليه.
ولعل عملية المسجد تكون درساً لحكومة الشرع فى دمشق، فتدرك أن جارتها إسرائيل لا تفهم غير لغة القوة، ثم تتصرف على هذا الأساس، وتعلن أن هضبة الجولان سورية لحماً ودماً وأنها كانت هكذا وستظل، وأن شبراً واحداً من الأراضى السورية لن تبقى فيه إسرائيل.
أما إقليم أرض الصومال الانفصالى فهو ليس شأناً صومالياً فى الحقيقة. صحيح أنه جزء من الصومال كدولة، ولكن عند الحديث عن الاعتراف به من جانب دولة الاحتلال، أو حكومة التطرف فيها، يصبح علينا أن نعود سريعاً إلى ما أعلنه الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية، عن أن شأن البحر الأحمر يخص الدول الواقعة عليه ولا يخص أبداً دولاً سواها.
أعلن الدكتور عبد العاطى ذلك بوضوح يجعل الأعمى يراه، ولذلك لم تمر دقائق على هذه الخطوة الإسرائيلية الحمقاء، إلا وكانت مصر تعلن فى بيان رباعى، وقّعت عليه مع تركيا والصومال وجيبوتى، رفضها الكامل للاعتراف ولكل ما يترتب عليه، ولم تمر دقائق أخرى إلا وكان جاسم البديوى، أمين عام مجلس التعاون الخليجى، يعلن رفض دول المجلس أى اعتراف بالإقليم الانفصالى.
ولأن الصومال دولة عربية، ولأنها عضو فى جامعة الدول العربية، فإن الجامعة مدعوة إلى أن تقيم الدنيا ولا تقعدها فى سبيل إنهاء هذا الاعتراف وكل أثر يترتب عليه. الجامعة مدعوة إلى ذلك بكل قوة ممكنة، ومدعوة إلى أن تتحرك فى المنطقة، وفى خارجها، وفى كل مكان، وعلى كل مستوى، لأن وجود موطئ قدم لدولة الاحتلال فى الإقليم الانفصالى، هو تهديد مباشر ليس فقط للدول الواقعة على البحر الأحمر، وإنما لكل دولة عربية على المدى الطويل!.
أما الدول المُطلة على البحر الأحمر فهى مصر، والسعودية، والأردن، والسودان، واليمن، وإريتريا، وجيبوتى، ويمكن ضم الصومال إليها لأنها تطل على خليج عدن الذى يمر منه الداخل إلى البحر والخارج منه على السواء.
طرد إسرائيل من إقليم أرض الصومال الانفصالى فرض عين على كل دولة عربية، وكل دولة مُطلة على البحر الأحمر، وفرض عين أيضاً على جامعة الدول، فالأمر أخطر من أن يكون فرض كفاية إذا نهض به طرف أعفى بقية الأطراف من فعل شىء.