التطرف الجمعي 8

التطرف الجمعي (8)

التطرف الجمعي (8)

 العرب اليوم -

التطرف الجمعي 8

بقلم:أمينة خيري

يصعب تحديد أعراض التطرف فى المجتمعات التى تشهد تطرفا جماعيا. لماذا؟ لأن الهوس حين يضرب أعدادا كبيرة من العقول والقلوب، وتتماهى معها المؤسسات والهيئات، يتحول التطرف من وضع شاذ عجيب إلى وضع طبيعى. إنه وضع الغالبية. صحيح أن الغالبية لا تحمل الأسلحة بالضرورة، وتجول بها الشوارع، وتدق أبواب البيوت ملوحة بها، ولكن يجول المتطرفون المهووسون المدن والقرى وهم يحملون هوسهم الفكرى وتطرفهم العقلى معهم أينما ذهبوا.

والتطرف أيديولوجيا قائمة بذاتها، سواء كانت يسارية أو كروية أو إسلامية أو يهودية أو مسيحية أو يمينية أو غيرها. والمتطرف لا يحمل اللقب إلا إذا نجح أمراؤه المسؤولون عنه فى تحويله إلى شخص غذائه العنف ولو كان فكريا، والكراهية لكل من يختلف عنه، والتعصب حيث لا حق أو صواب إلا ما يؤمن به. أما أهدافه، فتتلخص فى ثلاث نقاط: الأولى هى إلغاء وجود أو هدم أو تقييد حقوق وحريات الآخرين لأنهم يحملون فكرا يختلف عن فكره أو يعتنقون مبادئ تختلف عن مبادئه. ولا يسمح لهم باسترداد هذه الحقوق والحريات إلا إذا حملوا نفس رايته، وآمنوا بنفس ما يؤمن به.

والثانية هى تقويض أو إلغاء أو إسقاط النظام القائم فى المجتمع إذا كان قائما على المدنية والديمقراطية والتعددية. فالتطرف يعادى المدنية، ويناهض الديمقراطية ولا يعترف بالتعددية. وكيف له أن يعترف بها، وهو وحده من يمثل الحق والصواب؟!.

والثالثة هى تهيئة بيئة مناسبة لتنفيذ ما سبق، وذلك عبر إقناع أكبر عدد ممكن من المحيطين باعتناق الفكر المتطرف.

وحين يطغى التطرف على مجتمع ما، لا يشعر أفراده بأنهم متطرفون، لأن التطرف يصبح أسلوب حياة. ليس هذا فقط، بل يتم تصنيف الناجين من الفكر المتطرف باعتبارهم «غريبى الأطوار» أو «قلة منحرفة» أو «خارجين عن الملة»، سواء كانت هذه الملة دينية أو قومية أو أيديولوجية.

اللافت أن هناك دولا من التى ذاقت ويلات التطرف الجماعى، ثم أرادت علاج مرضها المميت، لجأت إلى المؤسسات والهيئات نفسها التى كانت سببا رئيسيا لوقوع المجتمع فى براثن التطرف. وهنا ينكشف وجه آخر من وجوه التطرف الجماعى، لا سيما الذى يٌترك ليرتع وينهش فى المجتمعات لفترة طويلة، إذ تتحول مؤسسات فى الدول إلى مؤسسات راعية للتطرف وقائمة من أجل حمايته والحفاظ عليه. وكأن مصيبة التطرف الجماعى وحدها لا تكفى، فإذا بالتطرف يتحول إلى «منظومة أخلاقية» و«مدونة سلوكية» و«خصوصية ثقافية»، تعتبر هذه المؤسسات والمسؤولون عنها مهمتهم المقدسة وواجبهم الوطنى هو الحفاظ على قواعد التطرف، وأصوله راسخة متجذرة فى المجتمع، باعتبارها قواعده الأخلاقية وقيمه الأسرية وبالطبع، عقيدته الدينية أو القومية.

ويتحول كل مشكك فى دور هذه المؤسسات إلى خائن وعميل، وربما كافر وزنديق. وتصبح كل مطالبة بمراجعة ما تقدمه هذه المؤسسات من خطاب، وما يعتنقه المواطنون من فكر بغرض التنقيح والتطهير والتحديث، أقرب إلى مطالبة بهدم الثوابت وإسقاط المجتمع، وللحديث بقية.

 

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التطرف الجمعي 8 التطرف الجمعي 8



نقشات الأزهار تزين إطلالات الأميرة رجوة بلمسة رومانسية تعكس أناقتها الملكية

عمّان - العرب اليوم

GMT 04:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

ترامب يفرض رسومًا جديدة للحصول على إتش- 1 بي

GMT 07:35 2025 الإثنين ,22 أيلول / سبتمبر

ارتفاع وفيات حمى الضنك في بنغلاديش

GMT 07:40 2025 الإثنين ,22 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.8 درجة يضرب جبل آثوس شمال اليونان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab