بقلم:أمينة خيري
ومازلنا مع «شهاب من عند الجمعية» وطالبة «الجبر إلخ...» و«اللجنة الشادة» لأنهما يمثلان ملايين الأطفال والمراهقين وذويهم من المواطنين والمواطنات. منذ انتشار فيديو «شهاب» على منصات السوشيال ميديا، ونحن نتناقش: هل نغفر له ونسامحه علشان غلبان ومسكين وعائلته غارقة فى الفقر والعوز؟ هل نحاسبه ولو بضعة أشهر يتم خلالها إيداعه إحدى دور الرعاية لتقويمه؟ هل نحبس والديه لأنهما تركاه بلا تربية أو تنشئة أو تعليم أو تقويم، ودفعا به إلى سوق العمل، وهو ليس سوق عمل فى ورشة أو محل، بل سوق عمل يضع فيه قدمه على دواسة البنزين «وزى ما تيجى تيجى» ولو داس حد أو مات على الطريق، نرفع آثار الحادث، ونصرف لهم ما تيسر من تعويض؟ هل تطبق عليه أقصى عقوبة يمكن تطبيقها حتى يكون عبرة لمن هم مثله؟ طيب، من هم مثله لم يصبحوا «شهاباً» بإرادتهم أو رغبتهم، إنها البيئة الحاضنة لشهاب التى دفعتهم لذلك. إنها البيئة الحاضنة لطالبة «الجبر إلخ...» و«اللجنة الشادة» التى لا ترى فى الألفاظ النابية سوءاً، أو فى الغش عواراً، أو فى طريقة الكلام المفجعة أذى أو قبحاً أو عيباً. كل ما يهم أنها ترتدى «طرحة».
أليس هؤلاء الأهل الذين ربوها هم أنفسهم الذين ركضوا خلف المعلمة التى رفضت الغش وادعوا أنها سحبت الأوراق من الطلاب قبل انتهاء وقت الامتحان؟ أليست الأمهات هن أنفسهن من تفوهن بأدنى وأدنأ وأقذر الألفاظ فى داخل «حرم» المدرسة، رغم أنهن ملتزمات بالزى نفسه الذى يعتبر أعلى درجات الالتزام الأخلاقى؟! نعود إلى طرح بضعة أسئلة تفرض نفسها طالما هناك إصرار على أن مثل هذه المشاهد «حوادث فردية» وليست تفاصيل الحياة اليومية ومعيشة الملايين منذ تم تجريف البشر فكرياً وأخلاقياً وثقافياً وتربوياً، واكتفينا بالمظهر الملتزم: هل سيخرج شهاب من دار الرعاية الذى يتم إيداعه فيه أفضل أم أسوأ مما كان عليه؟ هل دور الرعاية لدينا تقوم وتعلم الأخلاق وتربى؟! أسأل عن الواقع، ولا أسأل عن المكتوب فى مواثيق الدور. وهل شهاب وأهله يعرفون حقاً سبب الغضب «النسبى» من فيديو شهاب، وما عكسه من تربية وتنشئة؟ عينى فى عينك كده عزيزى القارئ، هل تشك لحظة أن أهل شهاب وأقاربهم وجيرانهم لا يصفون رد فعلنا الغاضب بـ«الظالم والقاسى والمتجاهل لظروفهم والمتغاضى عن حرمانهم والمتعالى على حياتهم»؟ هل تشك عزيزى القارئ لحظة أن البيئة الحاضنة لشهاب وغيره الملايين يفهمون حقاً سبب الصدمة؟ لا أقصد أبداً أنهم أغبياء، حاشا لله. ما أقصده هو أنهم لا يدركون أن هناك حياة مختلفة، بقواعد مغايرة، وتربية قائمة على ما يصح وما لا يصح. وأضيف إلى ذلك المسمار المزمن الرابط بين الغُلب وبين كسر القانون، وكأن احترام القانون سيزيد الفقير فقراً، مع العلم أن شوارعنا تقول إن كسر القانون أصبح للجميع، وللحديث بقية.