بقلم:سمير عطا الله
أثارت جائزة نوبل للسلام هذه السنة من الاهتمام والنقاش ما لم تشهده في أي عام مضى. والسبب الواضح طبعاً كان ولع الرئيس دونالد ترمب في الحصول على الجائزة، ومن دون أي تردد أعلن أنه المستحق الأول، وراح ينتظر، وينتظر العالم الأجمع معه موعد إعلان الجائزة من أجل الاحتفال، غير أن المفاجأة كانت مضاعفة، بسبب أن لجنة نوبل المحاطة بهالة من الموضوعية والحياد لم تحجب الجائزة عنه فحسب، بل منحتها لسيدة مجهولة تماماً من فنزويلا تتزعم المعارضة في بلادها المليئة بالأزمات والاضطرابات، وهي السيدة ماريا كورينا ماتشادو. راح العالم يبحث في كل الزوايا عن بطولات ومنجزات السنيورة ماتشادو، فوجد أن أهم تلك المنجزات ولاؤها المطلق لإسرائيل. حسناً قد يحدث ذلك أحياناً؛ أي أن تمنح الجوائز الدولية من دون استحقاق أو باستحقاق قليل، أو في تحيز واضح، ومناقد لرسالة الجائزة وشروطها.
ما هو أول عمل قامت به السنيورة ماتشادو تعبيراً عن الامتنان لحصولها على هذا التشريف العالمي الذي حجب عن رئيس الولايات المتحدة الباحث عن إطفاء الحرائق وإنهاء الحروب في 4 جهات الأرض؟ حسناً مرة أخرى، قامت السنيورة ماتشادو بالاتصال هاتفياً برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. هل لسبب معين؟ بل لسبب محدد، وهو تقديم الشكر له على «إنجازات إسرائيل خلال الحرب على غزة»، وأعربت عن «تقديرها الكبير لقرارات رئيس الوزراء وإجراءاته الحاسمة أثناء الحرب». هل سوف تذهل الأسرة الدولية مرتين: الأولى تسمية السنيورة، والثانية موقفها من الحروب والسلام، ومن إبادة جماعية قدرت قوتها الضاربة بستة أضعاف ما تركته القنبلة الذرية في هيروشيما وناغازاكي معاً.
يبقى الآن أن ننتظر المفاجأة الأهم: هل سوف يمر هذا الحدث أمام الناس من دون أن تلحظ الفظاعتين: تسمية الفائزة ومكالمتها إلى وطنها للسلام، بحيث يكون التجاهل العالمي لهذه الكارثة في تفسير معاني السلام بليداً هو الآخر، وخالياً من أي معانٍ متعارف عليها للقانون الدولي والمفاهيم الإنسانية. الأرجح للأسف أن ذلك ما سوف يحدث ولن يكون مفاجئاً لأحد. فالقوى التي تجاهلت ما حدث في غزة خلال العامين الماضيين ليس كثيراً عليها أن تتجاهل هذه الخطيئة المشينة في تهنئة مدمر غزة ومُعَذّب أطفالها، بكل ما ارتكب من قتل وتجويع وإبادة جماعية!!