بقلم : فاروق جويدة
الخالق سبحانه وتعالى خلق الإنسان رحيمًا، والرحمة من سنن الخلق والحياة، ولكن الإنسان استبدل بالرحمة القسوة وهى أسوأ سلوكيات البشر، وتبدأ بالكلمة وتصل إلى الدم.. إن الكلمة تجرح وقد تذبح، وهناك إنسان قتلته كلمة وربما أحيته كلمة..
والقسوة من أسوأ الصفات التى اكتسبها الإنسان وهو لا يعرف مصدرها ومن أين جاءت وكيف بدأت.. إن القسوة لا يمكن أن تكون فى حنان الأم، ولا يمكن أن تتسلل إلى حياة الإنسان فجأة، ولكنها اقتحمت حياة الناس وكَبُرَت، وبعد أن كانت شجارًا عابرًا أصبحت قتلًا ودمارًا ودماء تسيل..
وحين قتل الإنسان أخاه كانت القسوة أول من فتح الأبواب.. ولا يمكن أن تكون القسوة بالفطرة، لأن الإنسان يولد ومعه الرحمة، وإذا تحولت الرحمة إلى القسوة فهذا يعنى أن الإنسان غيّر أجمل الصفات فيه..
ومنذ سادت القسوة تحولت الحياة إلى غابة يبدأ الصراع فيها بالكلمة ثم بالأيدى، وتكبر مساحات الغضب والحقد والكراهية ورفض الآخر، ثم تبدأ مرحلة الصراع رفضًا واستنكارًا، وتصبح القسوة سمة من سمات الحياة وتختار من يجسدها من أصحاب النفوس الضعيفة والقتلة..
وتختفى طيور الرحمة، وتنتشر فى السماء خفافيش الحقد والكراهية، وفى عالم لا يعرف غير القسوة تُغلق أبواب الرحمة وتنتشر الكراهية وتتدفق بحار الدم والقتل والدمار..
ونرى الإنسان، هذا الكائن الجميل الذى خلقه الله على الحب والجمال والتسامح، قد تحول إلى بركان من الغضب، فكانت الحروب والقتل والدمار، وتحتشد حشود القسوة ومعها الحقد والظلم، وتنظر إلى الحياة التى استبدلت بالحدائق السجون، وتحول الإنسان إلى شيء يشبه البشر ولكن القسوة جعلته حيوانًا متوحشًا أعمى..
إن كل الكوارث التى أحاطت بالبشر كان سببها القسوة، لأنها إحساس مدمر يقتل فى الإنسان أجمل ما فيه خاصة إذا أصبحت إدمانًا وطريقًا للطغيان..