بقلم : فاروق جويدة
عندما قرر الرئيس أنور السادات نقل اجتماعات مجلس الوزراء إلى الإسكندرية، كان الاجتماع يتم فى مقره الملكى فى بولكلي، وكنت أسافر لكى أُغطى أخبار اجتماعات المجلس شهور الصيف ،، وكنا نقتسم الفترة مناصفة بين الأستاذ إبراهيم نافع وبينى وكان الأستاذ أحمد بهاء الدين رئيسًا للتحرير قبل أن يختلف مع الرئيس السادات.. كان الدكتور عبد العزيز حجازى يومها نائبًا للسادات، رئيس الحكومة..
كنت أنزل فى شقة صغيرة فى المندرة، وكان إيجارها جنيهات فى ذلك الوقت، وكانت الجوافة والبلح والبطيخ أشهر وأرخص أنواع الفاكهة .. كان البلح الزغلول والجوافة تُباع بأسعار زهيدة، وكانت تُسمى فاكهة الفقراء، وكانت أجمل وأحلى الأنواع فى مزارع المندرة أمام حدائق المنتزه .. وكان سعر كيلو الجوافة خمسة قروش، والبلح عشرة قروش، والبطيخة عشرين قرشًا.
تذكرت هذه الأسعار وأنا أقرأ حكاية سيدة ذهبت إلى الفكهانى تشترى كيلو جوافة، فقال لها: «ثمانون جنيهًا»، وكان هذا المبلغ يشترى فدان جوافة.. وسألته: «عايزة بطيخة»، قال لها: «200 جنيه»، والبلح العادى بسبعين جنيهًا.. صاحت فى وجه الفكهاني: «حرام عليك، أنا لا أملك هذا المبلغ،، وعندى أربع عيال، أبوهم مات... أروح لمين؟»
عدت أتذكر ليالى المندرة وفاكهة الغلابة وجنيهات الإيجار، وصورة هذه السيدة التى سبقتها دموعها، وهى لا تستطيع أن تشترى كيلو جوافة..
وكان الناس يصرخون فى وجه الدكتور حجازى ويهتفون: «حجازى إيه؟ حجازى إيه؟ كيلو اللحمة بقى بجنيه!»
نار الأسعار أحرقت أشياء كثيرة كانت عزيزة على الناس ابتداء بفاكهة الفقراء وانتهاء بأسعار العقارات ومطلوب شيء من الضوابط وقليل من الرقابة لأن ارتفاع الأسعار أصبح حديث الناس.