بقلم : عبد المنعم سعيد
عاصرت ثلاثة مرشحين مصريين لإدارة منظمة «اليونيسكو» جميعهم تمتعوا بالكفاءة والتاريخ الحافل فى الخدمة العامة والقدرة على التمثيل فى المحافل الدولية: د. إسماعيل سراج الدين، ومعالى الوزير الفنان فاروق حسنى، والسفيرة القديرة مشيرة خطاب. وراء الثلاثة كانت مصر واقفة مؤيدة بشخصيتها وتاريخها العميق وثقافتها المهمة ودبلوماسيتها العريقة. وللأسف فإن أيا منهم لم يظفر بالمنصب الرفيع لأسباب شتى منها السلام البارد مع إسرائيل وانقسام الأصوات عندما تكون المنافسة مع مرشح من بلد عربى أو إفريقى شقيق. فى السنوات الأخيرة ولدى كثيرين فى النخبة المصرية كان السبب تراجع دور مصر الإقليمى والدولى. وباتت هذه الحجة تستخدم فى مناسبات كثيرة منها ما يعلق على زيارة الرئيس ترامب للمنطقة ولا يزور القاهرة؛ وعندما تأتى اختيارات المناصب فى محافل دولية أو هكذا أمور. الآن آن أوان مراجعة هذا الأمر حيث تتركز الأنظار الدولية والإقليمية على مصر، وهى مركز إدارة البحث عن السلام فى المنطقة بعد حرب ضروس؛ ويجرى ذلك فى «شرم الشيخ» العريقة فى مباحثات السلام. مصر أيضا مرشحة لكى تكون فى السلطة المرجعية لإدارة السلام التى يتزعمها ترامب، وسلطة إدارة قطاع غزة فى اليوم التالى لوقف إطلاق النار، وقوات حفظ السلام والإعاشة فى غزة.
انتخاب الدكتور خالد العنانى لقيادة المنظمة التى ترفض فكر الإنسان فى الحرب؛ وتقضى بفكر السلام فى الأرض جاء فى وقته. الدبلوماسية المصرية كانت فى أعظم حالاتها عندما كان الاختيار لشخصية بارعة وطليقة اللسان، ومستوعبة للحضارة المصرية فى جميع أشكالها. وعمليا فإنها كانت قادرة على الانفراد بالترشيح فى الساحة العربية والإفريقية؛ وفوق ذلك تحقيق فوز كاسح على المنافس الوحيد. كل ذلك يعبر عن دور مصر الإقليمى فى لحظة تاريخية، كان العنف فيها كاسحا، والسلام فيها بعيدا؛ ومع ذلك فإنها تقوم بالدور الذى لا يقوم به غيرها.