بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
مضت المائة يوم الأولى بعد دخول الرئيس ترامب البيت الأبيض دون أن يُحقَّق أى إنجاز يُقربه من جائزة نوبل للسلام التى يبدو أنه يحلم بها. ظهر ما يدل على هذا الحلم فى خطاب تنصيبه فى 20 يناير الماضى، إذ قال: «سأكون صانع سلام. وسيكون هذا هو الإرث الذى أعتز به أكثر من أى أمر آخر».
حلم ترامب، بل ربما راهن، على أن يقطع شوطًا طويلاً فى اتجاه حلم صناعة السلام عن طريق إنهاء حرب أوكرانيا فور تنصيبه. تحدث مرات خلال حملته الانتخابية عن قدرته على وقف هذه الحرب فور دخوله البيت الأبيض، بل قال فى إحداها إنه يستطيع ذلك خلال يوم واحد.
ولكن مر الآن أكثر من مائة يوم دون أن يتمكن حتى من إقناع روسيا بوقف إطلاق نار جزئى. فقد استمرت الهجمات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا، وبقيت المسافة بينهما على حالتها التى كانت يوم دخول ترامب البيت الأبيض. لم تنجح الحوافز التى لوح بها لموسكو فى دفع الرئيس بوتين للتخلى عن أى من المواقف التى يصر عليها.
وهكذا اصطدم ترامب، ومازال، بواقع الحرب الأوكرانية المُعقد، والصعوبات الهائلة التى تواجه أى محاولة لإنهائها. واقع لا تجدى معه اتصالات هاتفية مهما طالت. واقع يفيد بأن روسيا فى وضع ميدانى جيد، وأنها تستطيع تحمل تكلفة الحرب اقتصاديًا وبشريًا لفترة طويلة، وأن رئيسها يجد نفسه فى وضع يُمكَّنه من فرض شروطه التى تعنى فى خلاصتها استسلامًا أوكرانيًا. وطبيعى أن ترفض كييف هذا الاستسلام، بعد كل ما تكبدته من خسائر.
ولكن المعضلة لا تقتصر على ذلك، بل تشمل مطالبة روسيا بضمانات أمنية، وفى مقدمتها وقف تمدد «الناتو» نحو حدودها، وتفكيك البنية العسكرية التى أقامها فى دول شرق أوروبا منذ عام 1998، والتوصل إلى اتفاق يُقيد حركته فيها. ومن شأن هذه المطالب أن تزيد قلق دول فى شرق أوروبا وأخرى فى غربها من نيات روسيا المستقبلية تجاهها. ويعنى هذا أن أزمة حرب أوكرانيا مازالت تدور فى حلقة مفرغة يصعب الإمساك بحلقاتها.