بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
مازالت المباراة مستمرة بين الرئيسين الأمريكى ترامب والروسى بوتين بشأن الحرب على أوكرانيا. وما القمة الثانية التى ستجمعهما بعد أيام إلا جزء من هذه المباراة المستمرة منذ أن تعهد ترامب بإنهاء الحرب متصورًا أن علاقته الطيبة مع بوتين تسمح بذلك. لم ينتظر تنصيبه فى البيت الأبيض، بل تحدث مرات فى نهاية العام الماضى عن قدرته على إنهاء هذه الحرب، بل قال أكثر من مرة إنه سيفعل ذلك خلال 24 ساعة. بدا ترامب واثقًا من قدرته على الوفاء بهذا التعهد قبل أن يصدمه الواقع، إذ لم يحسب حسابًا لاحتمال أن تكون لدى بوتين تكتيكات يستطيع من خلالها تعطيل تحركاته. اتبع ترامب تكتيكًا مؤداه التودد إلى الرئيس الروسى، ومحاولة استثمار التقارب الشخصى الذى حدث بينهما فى فترة رئاسته الأولى. وفعل ذلك فى سياق تقديم نفسه باعتباره «رجل صفقات» قادرًا على إنهاء الحروب والصراعات عبر التفاوض المباشر للتوصل إلى اتفاقات سلمية. استخدم ترامب مختلف الوسائل الدبلوماسية فى تحركاته الهادفة إلى إنهاء الحرب على أوكرانيا بدءًا من دبلوماسية الهاتف وانتهاءً بدبلوماسية القمة. فقد أُجريت سبع مكالمات هاتفية بين الرئيسين بين شهرى فبراير وأكتوبر، وعُقدت قمة بينهما فى ألاسكا فى 15 أغسطس الماضى، علاوةً على لقاءات عدة على مستويات متعددة معلنة وغير معلنة. لكن هذه المحاولات كلها تحطمت على صخرة إصرار بوتين على أن تنطلق أى تسوية من الأمر الواقع الذى فرضته قواته فى جبهات القتال، ورفضه إيقاف إطلاق النار قبل التوصل إلى اتفاق يحقق ما يعتبرها مصالح روسيا الاستراتيجية. ونجح بوتين فى تثبيت موقفه التفاوضى على هذا الأساس الذى لم يتزحزح عنه طوال الشهور الماضية. ويبدو أنه يراهن على قدرة روسيا على الصمود لوقت أطول من أوكرانيا وحلفائها اعتمادًا على سياسة الحرب المتدرجة والتقدم العسكرى البطىء لقواته. وربما يأمل أيضًا فى إحداث شرخ داخل حلف «الناتو» واستنزاف قدرات الأوروبيين على الاستمرار فى تسليح أوكرانيا. وأيًا يكن ما وراء التكتيكات التى يتبعها بوتين، فالحاصل أنه الفائز حتى الآن فى المباراة الجارية بينه وبين ترامب.