بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
لم تحقق محاولات الحد من مظالم النظام الرأسمالى النتائج المرجوة. ثبت أن تدخل الحكومات لكبح جماحه، وتحسين مستوى حياة الفئات الفقيرة والمهمشة لا يفلح فى الأغلب الأعم. لا يكفى استخدام الأدوات المالية والنقدية فى تحقيق إصلاح بنية النظام الرأسمالى. زيادة الضرائب على الشركات الكبرى والفئات الأكثر ثراءً يُحقق نتائج إيجابية ولكنها جزئية، فضلاً عن آثارها الجانبية. فما أن تُرفع هذه الضرائب حتى تنخفض معدلات الاستثمار وتقل بالتالى فرص العمل الجديدة، وقد تُفقد وظائف كانت موجودة من قبل نتيجة تقليص أنشطة شركات زيدت الضرائب المفروضة عليها،
كما لم يُحقق الاتجاه إلى ما أُطلق عليها دولة الرعاية الاجتماعية نتائج مستدامة. حدث تحسن ملموس فى أوضاع محدودى الدخل والفئات الاجتماعية الدنيا نتيجة التوسع فى الرعاية الصحية والتعليم المجانى وإعانات البطالة وغيرها من الإجراءات الاجتماعية التى استهدفت الحد من مظالم النظام الرأسمالى. ولكن هذه الإجراءات تعثرت فى كثير من الدول التى أخذت بها، لأنها تتطلب زيادة الإنفاق العام. فإذا لم تكف الموارد التى تحصل عليها الحكومات من الضرائب وغيرها من الرسوم لتغطية زيادة هذا الإنفاق تضطر للاقتراض. ويزداد الدين العام مع الوقت فيتأزم الموقف وتضطر الحكومات إلى خفض ما تنفقه على الرعاية الاجتماعية أو بعض جوانبها. وفى ظل إخفاق الجهود التى بُذلت للحد من مظالم النظام الرأسمالى وعدم استدامة نتائجها يتطلب الأمر أفكارًا جديدة لإنقاذ ضحايا هذا النظام. ويمكن التفكير، هنا، فى زيادة المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بطريقة منظمة وممنهجة. يقوم هذا النوع من المشاريع بدور كبير فى اقتصادات كثير من دول العالم. فى الصين, كما فى الولايات المتحدة مئات الملايين من هذه المشاريع، وكذلك فى الدول الأوروبية وغيرها. لكن المطلوب هو وضع خطط لهذه المشاريع، وإنشاء إدارات خاصة بها فى مختلف أنحاء الدولة لتسهيل إقامتها وضمان نجاحها. وعندئذ تتوافر بنية قوية لرأسمالية شعبية تتوسع وتتنامى وتحمى المجتمعات من أخطار النظام الرأسمالى الليبرالى ومظالمه.