بقلم: د.أسامة الغزالي حرب
على رأس الصفحة الأولى من «الأهرام»، جريدتنا الغراء المتفردة ، وطوال قرن ونصف القرن من عمرها، تظهرعبارة «تأسس 27 ديسمبر1875.أصدرالعدد الأول فى 5 أغسطس 1876 سليم وبشارة تقلا». أى أن الأهرام تدخل اليوم عامها المائة والخمسين، مسجلة عمرا طويلا، ومكانة راسخة مستحقة ! وإذا كان من البدهى أن نحتفل اليوم بدخول الأهرام عامها المائة والخمسين، أى قرنا ونصف القرن، إلا أننى أحتفل وأحتفى بحقيقة إنشاء الأهرام على يد المسيحيين اللبنانيين سليم وبشارة تقلا! لماذا هما مسيحيان؟ ولماذا أنشآ الأهرام فى مصر..؟ أقول لكم: لقد كانت مصر خاضعة للسيطرة العثمانية الطويلة باسم الدين الإسلامى، والتى لم تكن أبدا لمصلحة الإسلام على الإطلاق، وإنما كانت لمصلحة الإمبراطورية العثمانية، التى اهتمت بنهب مصر وتجريفها لمصلحتها، موارد وكوادر فى جميع مناحى الحياة، إلى أن خلص محمد على باشا مصر من السيطرة العثمانية عقب الحملة الفرنسية لينفرد بحكم مصر، مكتشفا بعبقريته الفائقة، القدرات الفائقة لشعبها. ومن ناحية أخرى، فى المشرق العربى، كان من المنطقى أن يتزعم مسيحيو الشرق الدعوة «للقومية العربية» ضد السيطرة العثمانية (بدءا من اللبنانى نجيب عازورى الذى وضع كتابه الشهير «يقظة الأمة العربية» بالفرنسية فى باريس عام 1905) قبل أن يتدفق على مصر المسيحيون اللبنانيون والسوريون المستنيرون مثل جورجى زيدان وخليل مطران وفرح أنطون وجورج أبيض! ليكونوا روادا عظاما فى جميع الميادين، ويصبجوا قمما ورموزا رائعة للثقافة والفن فى مصر، أسهموا فى نهضتها الشاملة فى القرن العشرين فى كل الميادين. وفى القلب من هؤلاء كان الشقيقان سليم وبشارة تقلا اللذان أنشآ صحيفة اختارا لها اسما عبقريا، لا يدانيه اسم آخر كمعلم تاريخى أزلى وأبدى فى آن واحد، إنها «الأهرام» أيها السادة!.