نوارة الغزاوية وفلسطين الدُمية

نوارة الغزاوية... وفلسطين الدُمية

نوارة الغزاوية... وفلسطين الدُمية

 العرب اليوم -

نوارة الغزاوية وفلسطين الدُمية

بقلم : بكر عويضة

مُتشحةً بشالٍ أحمر يغطي شعر رأسها، وينزل عبر كتفيها فيعلو ثوبها الأسود الطويل، الذي يكسو جسدها النحيف، من قدميها إلى عنقها، وقفت نوارة أمام كومة المتبقي من عفش دارٍ كانت تعيش مستورة الحال فيها، قبل أن تحيلها طائرات بنيامين نتنياهو كومَ حجارة. بدا من الواضح لمن يتأمل بعمق في صورة الشابة الغزاوية أن الدمع قد جف في عينيها، فيما بدت نظراتها حائرة، تحاول اكتشاف آفاق غيب مجهول، كأنها تفتش عن جواب لسؤال يدق كما هدير رعدٍ بين عروق دماغها؛ إلى أين المفر، وما الآتي بعد كل هذا؟ تلك واحدة من مئات آلاف صور همجية الحرب على شعب قطاع غزة، التي لم تزل مستمرة حتى الآن.

ولئن كانت الصورة واحدة من مئات آلافٍ مثلها، فإن نوارة أيضاً هي واحدة من شابات غزة الناجيات، حتى لحظة التقاط صورتها تلك، من الموت قتلاً بين أنقاض دارها، كما حصل لعشرات آلاف ضحايا حرب تدمير القطاع، وإحالته إلى أرض خراب. تُرى، أكان ضرورياً لكل هذه المآسي أن تقع، وأن يدفع الغزيون هذا الثمن الفظيع؟ بلا تردد، سوف يجيب البعض باختصار شديد أنْ نعم، ويحيل الأمر كله إلى منهج ضرورة مقاومة الاحتلال، كافياً نفسه عناء تحليل النتائج، خصوصاً السلبي منها.

بعض آخر سيجيب بنعم كذلك، لكنه يضع عنصر المقاومة، جانباً، ويكتفي بما مضمونه أنِ انظر إلى ما تحقق من مكاسب لقضية فلسطين على صعيد العالم كله. ثمة طرف ثالث قد يغامر، فيعترض من منطلق أنه غير متفق مع البعض الأول بشأن إقحام منطق المقاومة في تبرير أخطاء قرارات يتخذها قادة فصائل وحركات لكل منهم تحالفات واضحة مع أنظمة حكم لها مصالح تخصها، ولا يوافق البعض الثاني في تجيير ما يوصف بمكاسب سياسية للهجوم المُسمى «طوفان الأقصى». أغلب المنتمين للطرف الثالث، وأعدُّ نفسي منهم، الأرجح أن يكونوا ممن عايشوا ويلات ما انتهت إليه كوارث سوء إدارة عدد من القضايا العربية، وفي مقدمها قضية الصراع العربي - الإسرائيلي.

سوء الإدارة هذا هو الذي تسبب في الزج بفلسطين، القضية والشعب، في حرائق الخلافات العربية، حتى صارت أشبه بدُمية يُتلاعب بها، أو كرة يتقاذفها اللاعبون في ساحات كل صراع بين نظام عربي وآخر. وبفعل ذلك النهج، انتهى الأمر بقضية فلسطين إلى انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1991، قبل أربعة وثلاثين عاماً من نهار غد، وكان يوم أربعاء أيضاً. ما ترتب على ذلك المؤتمر من نتائج، رغم كل الذي قيل عنها، كان ممكناً أن يحقق إيجابيات عدة للشعب الفلسطيني، لو أن القيادات الفلسطينية أحسنت التعامل معها، والبناء عليها. لكن هيهات. فأنى لزعامات الفصائل والتنظيمات الفلسطينية أن تتفق على منهج موحد في التعامل إيجابياً مع العالم بشأن قضية شعبها، إذا كانت هي عاجزة عن الاتفاق فيما بينها، فتسهم في بقاء فلسطين دُمية بأيدي المتلاعبين بها. ذلك واقع قائم منذ نكبة 1948، وليس واضحاً إلى متى سيظل قائماً.

arabstoday

GMT 20:23 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة إلى سموتريتش: السعودية دولة تملك التاريخ والجغرافيا

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

يتيمة العصر

GMT 09:54 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك... المُطلق

GMT 09:52 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نحن وتاريخنا...

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ممرٌ ترابي في اتجاهين

GMT 09:47 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب ــ آسيا... بين المواجهة والتفاوض

GMT 09:46 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

«حماس» تفاوض على استبعادها

GMT 09:38 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

من هم الملونون بحق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نوارة الغزاوية وفلسطين الدُمية نوارة الغزاوية وفلسطين الدُمية



رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة
 العرب اليوم - عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 01:56 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس السوري أحمد الشرع يجتمع بمسؤولين سعوديين في الرياض

GMT 09:50 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نوارة الغزاوية... وفلسطين الدُمية

GMT 08:03 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يصعد بعد تراجع مخزونات الخام الأميركية اليوم الأربعاء

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ساناي تاكايتشي تستعد لترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 12:49 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يمتدح إيلون ماسك بعد خلاف طويل ويؤكد حبه الدائم له
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab